ذكر قاضي القضاة أبو المؤيد محمد الخوارزمي في « جامع مسانيد أبي حنيفة » ما هذا لفظه :
« أبو حنيفة قال : جعفر بن محمد أفقه من رأيت ، ولقد بعث إليّ أبو جعفر المنصور ، أن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد; فهيّأ له مسائل شداداً.
فلخّصت أربعين مسألة وبعثت بها إلى المنصور بالحيرة ، ثم أبرد إلي فوافيته على سريره وجعفر بن محمد عن يمينه فوجدت من جعفر هيبة لم أجدها من المنصور.
فاجلسني ثم التفت إلى جعفر قائلاً يا أبا عبدالله هذا أبو حنيفة ، فقال : نعم أعرفه.
ثم قال المنصور : سله ما بدا لك يا أبا حنيفة ، فجعلت أسأله ويجيب الإجابة الحسنة ، ويفحم حتى أجاب عن أربعين مسألة.
فرأيته أعلم الناس باختلاف الفقهاء ، فلذلك أحكم أنه أفقه من رأيت ، أخرجه الحافظ طلحة بن محمد في مسنده عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، عن جعفر بن محمد بن الحسين الحازمي ، عن أبي نجيح ابراهيم بن محمد عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة » (١).
وأمثال هذا وان كانت كثيرة في كتب الإمامية أيدهم الله وأخبارهم الصحيحة مفصحة عنها ، إلاّ أن العامة يحكمون بوضعها وبطلانها ، وفي هذه الحكاية المسندة المعتبرة وجوه من الدلالة على خبث سريرة الإمام الأعظم.
__________________
١. جامع المسانيد للخوارزمي ١ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، المناقب للموفق بن أحمد : ١٧٣ ، سير أعلام النبلاء ٦ : ٢٥٧.