فارتاب به ، فقال : ما لك يا بنيّ تتبعني؟ قال : لا شيء ، قال : بلى يا بني فأخبرني ، قال : إنّ هذا رأس أبي أفتعطينيه حتّى أدفنه؟ قال : يا بني لا يرضى الأمير أن يدفن ، وأنا أريد أن يثيبني الأمير على قتله ثوابا حسنا. فقال القاسم : لكنّ الله لا يثيبك على ذلك إلاّ أسوأ الثواب ، أم والله لقد قتلته خيرا منك ، وبكى ثمّ فارقه ، ومكث القاسم حتّى إذا أدرك لم تكن له همّة إلاّ اتّباع أثر قاتل أبيه ليجد منه غرّة فيقتله بأبيه ، فلمّا كان زمان مصعب بن الزبير وغزا مصعب باجميرا دخل عسكر مصعب فإذا قاتل أبيه في فسطاطه ، فأقبل يختلف في طلبه والتماس غرّته ، فدخل عليه وهو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتّى برد (١).
وروى أبو مخنف : أنّه لمّا قتل حبيب بن مظهّر هدّ ذلك الحسين عليهالسلام وقال : « عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي » (٢).
وفي ذلك أقول :
إن يهدّ الحسين قتل حبيب |
|
فلقد هدّ قتله كلّ ركن |
بطل قد لقى جبال الأعادي |
|
من حديد فردّها كالعهن |
لا يبالي بالجمع حيث توخّى |
|
فهو ينصبّ كانصباب المزن |
أخذ الثأر قبل أن يقتلوه |
|
سلفا من منية دون منّ |
قتلوا منه للحسين حبيبا |
|
جامعا في فعاله كلّ حسن |
( ضبط الغريب )
ممّا وقع في هذه الترجمة :
( مظهّر ) : بضم الميم وفتح الظاء المعجمة بزنة محمّد على الأشهر ، ويضبط بالطاء
__________________
(١) الكامل : ٤ / ٧١.
(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٧ ، راجع الكامل : ٤ / ٧١.