ثمّ جالت الخيل التي منعت عليّا فردّها نافع عن أصحابه وكشفها عن وجوههم.
وحدّث يحيى بن هاني بن عروة المرادي (١) أنّه لمّا جالت الخيل بعد ضرب نافع عليّا ، حمل عليها نافع بن هلال فجعل يضرب بها قدما وهو يقول :
إن تنكروني فأنا ابن الجملي |
|
ديني على دين حسين بن علي |
فقال له مزاحم بن حريث : إنّا على دين فلان. فقال له نافع : أنت على دين الشيطان ، ثمّ شدّ عليه بسيفه ، فأراد أن يولّي ولكن السيف سبق ، فوقع مزاحم قتيلا ، فصاح عمرو بن الحجّاج أتدرون من تقاتلون!؟ لا يبرز إليهم منكم أحد.
وقال أبو مخنف : كان نافع قد كتب اسمه على أفواق نبله ، فجعل يرمي بها مسمومة وهو يقول :
أرمي بها معلمة أفواقها |
|
مسمومة تجري بها أخفاقها |
ليملأنّ أرضها رشاقها |
|
والنفس لا ينفعها إشفاقها |
فقتل اثني عشر رجلا من أصحاب عمر بن سعد سوى من جرح حتّى إذا فنيت نباله ، جرّد فيهم سيفه فحمل عليهم وهو يقول :
أنا الهزبر الجملي |
|
أنا على دين علي |
فتواثبوا عليه وأطافوا به يضاربونه بالحجارة والنصال حتّى كسروا عضديه ، فأخذوه أسيرا ، فأمسكه الشمر بن ذي الجوشن ، ومعه أصحابه يسوقونه حتّى أتى به عمر بن سعد ، فقال له عمر : ويحك يا نافع ما حملك على ما صنعت بنفسك! قال : إنّ ربّي يعلم ما أردت. فقال له رجل وقد نظر الدماء تسيل على لحيته : أما ترى ما بك؟ قال : والله لقد قتلت منكم اثني عشر رجلا سوى من جرحت وما ألوم نفسي على الجهد ، ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني ، فقال شمر لابن سعد : اقتله
__________________
(١) لاحظ ترجمته في تهذيب الكمال ٣٢ / ١٨ ، تحت رقم ٦٩٣٦.