استطعت ، فقال له زهير : إنّ الله قد زكّاها وهداها فاتّق الله يا عزرة ، فإنّي لك من الناصحين ، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممّن يعين الضّلال على قتل النفوس الزكيّة. فقال عزرة : يا زهير ما كنت عندنا من شيعة هذا البيت إنّما كنت عثمانيّا. قال : أفلا تستدل بموقفي هذا على أنّي منهم! أما والله ما كتبت إليه كتابا قطّ ، ولا أرسلت إليه رسولا قطّ ، ولا وعدته نصرتي قط ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلمّا رأيته ذكرت به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه من عدوّه وحزبكم ؛ فرأيت أن أنصره ، وأن أكون في حزبه ، وأن أجعل نفسي دون نفسه ، حفظا لما ضيّعتم من حقّ الله وحقّ رسوله. قال : وأقبل العبّاس فسألهم إمهال العشيّة ، فتوامروا ثمّ رضوا فرجعوا (١).
وروى أبو مخنف عن الضحّاك بن عبد الله المشرقي قال : لمّا كانت الليلة العاشرة خطب الحسين أصحابه وأهل بيته فقال في كلامه : « هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، فإنّ القوم إنّما يطلبوني ». فأجابه العبّاس وبقيّة أهله بما تقدّم في تراجمهم. ثمّ أجابه مسلم بن عوسجة بما ذكر وأجابه سعيد بما يذكر. ثمّ قام زهير فقال : والله لوددت أنّي قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت حتّى أقتل كذا ألف قتلة ، وأنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك (٢).
وقال أهل السير : لمّا صفّ الحسين عليهالسلام أصحابه للقتال وإنّما هم زهاء السبعين جعل زهير على الميمنة ، وحبيبا على الميسرة ، ووقف في القلب ، وأعطى الراية
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٤.
(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٦ ، راجع الإرشاد : ٢ / ٩٢.