مولاه (١).
ولمّا أصبح الحسين عليهالسلام جعل الميمنة لزهير ، والميسرة لحبيب ، وأعطى الراية أخاه العبّاس (٢).
وروى أبو مخنف عن الضحّاك بن قيس أنّ الحسين عليهالسلام لمّا خطب خطبته على راحلته ونادى في أولها بأعلى صوته : « أيّها الناس ، اسمعوا قولي ولا تعجلوني ». سمع النساء كلامه هذا فصحن وبكين وارتفعت أصواتهن ، فأرسل إليهنّ أخاه العبّاس وولده عليّا وقال لهما : أسكتاهنّ فلعمري ليكثرنّ بكاؤهنّ ، فمضيا يسكتاهنّ حتّى إذا سكتن عاد إلى خطبته. فحمد الله وأثنى عليه وصلّى عليه نبيّه. قال : فو الله ما سمعت متكلما قط لا قبله ولا بعده أبلغ منه منطقا (٣).
وقال أبو جعفر وابن الأثير : لما نشبت الحرب بين الفريقين تقدم عمر بن خالد ومولاه سعد ، ومجمّع بن عبد الله ، وجنادة بن الحرث فشدوا مقدمين بأسيافهم على الناس ، فلمّا وغلوا فيهم عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم ، وقطعوهم من أصحابهم ، فندب الحسين عليهالسلام لهم أخاه العبّاس فحمل على القوم وحده ، فضرب فيهم بسيفه حتّى فرّقهم عن أصحابه وخلص إليهم فسلّموا عليه فأتى بهم ، ولكنّهم كانوا جرحى فأبوا عليه أن يستنقذهم سالمين ، فعاودوا القتال وهو يدفع عنهم حتّى قتلوا في مكان واحد (٤). فعاد العبّاس إلى أخيه وأخبره بخبرهم.
قال أهل السير : وكان العبّاس ربما ركز لواءه أمام الحسين وحامى عن أصحابه
__________________
(١) في الأخبار الطوال : ٢٥٦ ، لزيد ، وفي بعض نسخ الإرشاد : دويدا وذويدا. وهو تصحيف ظاهر. راجع الإرشاد : ٢ / ٩٦ ، والكامل : ٤ / ٦٠.
(٢) راجع الأخبار الطوال : ٢٥٦ ، والإرشاد : ٢ / ٩٥.
(٣) تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٩ بتفاوت.
(٤) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٣٠ ، الكامل : ٤ / ٧٤.