حين ابتعت له أمّك.
ثمّ كتب إلى الحسين : إنّي قد رددت أرضكم وسوّغت مسلما ما أخذ (١).
وروى أبو مخنف وغيره : أنّ أهل الكوفة لمّا كتبوا إلى الحسين دعا مسلما فسرّحه مع قيس بن مسهّر ، وعبد الرحمن بن عبد الله ، وجماعة من الرسل ، فأمره بتقوى الله وكتمان أمره واللطف ، فإن رأى الناس مجتمعين عجّل إليه بذلك ، وكتب إليهم : « أمّا بعد : فقد أرسلت إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل وأمرته أن يكتب لي إن رآكم مجتمعين ، فلعمري ما الإمام إلاّ من قام بالحقّ » (٢) ، وما يشاكل هذا.
فخرج من مكّة في أواخر شهر رمضان وأتى المدينة ، فصلّى في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وودّع أهله وخرج فاستأجر دليلين من قيس فجارا عن الطريق واشتدّ عليهم العطش فلم يلبثا أن ماتا.
وأقبل مسلم ومن معه حتّى انتهوا إلى الماء وقد أشار الدليلان إليهما عليه ، فكتب مسلم مع قيس إلى الحسين عليهالسلام من المضيق من بطن خبت (٣) أمّا بعد : فإنّي خرجت من المدينة ومعي دليلان فجارا عن الطريق وعطشنا ، فلم يلبثا أن مات وانتهينا إلى الماء فلم ننج إلاّ بحشاشة أنفسنا ، وقد تطيّرت من وجهي هذا ، فكتب إليه الحسين عليهالسلام ، أمّا بعد : « فقد خشيت أن يكون (٤) حملك على هذا غير ما تذكر فامض لوجهك الذي وجّهتك له والسلام ». فسار مسلم حتّى مرّ بماء لطيّئ فنزل ، ثمّ ارتحل فإذا رجل قد رمى ظبيا حين أشرف له فصرعه فقال مسلم : يقتل عدوّنا إن
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٢ / ٢٥١.
(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٢٧٨. راجع الإرشاد : ٢ / ٣٩.
(٣) الخبت : ماء لقبيلة كلب. راجع معجم البلدان : ٢ / ٣٤٣.
(٤) في الإرشاد ٢ / ٤٠ : أن لا يكون حملك.