يكونوا عليك فاعترضته بنو عقيل بأننا لا نترك ثأرنا ، فالتفت إلينا الحسين وقال : « لا خير في العيش بعد هؤلاء » ، فعلمنا أنّه عزم على المسير ، فقلنا له : خار الله لك. فدعا لنا ، فقال له أصحابه : إنّك والله ما أنت مثل مسلم ، ولو قدمت الكوفة كان الناس إليك أسرع (١).
قال أهل السير : ولمّا ورد الحسين زبالة (٢) أخرج كتابا لأصحابه فقرأه عليهم وفيه : أمّا بعد فقد أتانا خبر فظيع إنّه قتل مسلم وهاني وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا ، فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منّا ذمام ، فتفرّق الناس عنه يمينا وشمالا إلاّ صفوته (٣).
وروى بعض المؤرخين : أنّ الحسين لمّا قام من مجلسه بالثعلبيّة (٤) توجّه نحو النساء وانعطف على ابنة لمسلم صغيرة ، فجعل يمسح على رأسها فكأنّها أحسّت ، فقالت ما فعل أبي ، فقال يا بنيّة أنا أبوك ، ودمعت عينه ، فبكت البنت وبكت النساء لذلك.
قال أهل السير : ثمّ إنّ ابن زياد بعث برأسي مسلم وهاني إلى يزيد مع هاني بن أبي حيّة الوادعي والزبير بن الأروح التميمي (٥) ، واستوهبت الناس الجثث فدفنوها عند القصر حيث تزار اليوم ، وقبراهما كلّ على حدة.
وإنّي لأستحسن كثيرا قول السيّد الباقر بن السيّد محمّد الهندي فيه :
سقتك دما يا ابن عمّ الحسين |
|
مدامع شيعتك السافحة |
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٠٢ ، راجع الإرشاد : ٢ / ٧٣.
(٢) زبالة : منزل بطريق مكّة من الكوفة. معجم البلدان : ٣ / ١٢٩.
(٣) الإرشاد : ٢ / ٧٥.
(٤) الثعلبيّة : موضع بطريق مكّة.
(٥) راجع الإرشاد : ٢ / ٦٥.