غلاله من الغموض والرهبة ..
وأوى الامام الى محرابه وقد غمرته حالة من السكينة فيما صفق المأمون بكفيه منادياً على حارس وقف كالتمثال قريباً :
ـ ليحضر ابن بشير.
فتح المأمون الصندوق الخشبي المزيّن بالنقوش والألوان واستخرج قطعة من جلد غزال مربعة الشكل ولم تكن سوى رقعة الشطرنج .. وخرجت من الصندوق فيلة وجنود وقلاع وأفراس ... وراح المأمون يدندن طرباً وقد هبّت نسائم ليلية من النافذة المطلّة على حديقة غنّاء :
أرض مربعة حمراء من أدم |
|
ما بين ألفين موصوفين بالكرم |
تذاكرا الحرب فاحتالا لها شبهاً |
|
من غير أن يسيعا فيها بفسك دم |
هذا يغير على هذا وذاك على |
|
هذا يغير وعين الحرب لم تنم |
فانظر الى الخيل قد جاشت بمعركة |
|
في عسكرين بلا طبل ولا علم ١٧٨ |
وصبّ له كأساً من النبيذ في « جام » ياقوت أحمر كان امبراطور الهند قد أهداه إليه ١٧٩.
ودخل ابن بشير ليهتف جذلاً :
ـ البشرى يا أمير المؤمنين.