ينصحني فيما أفعل؟ أجاب الامام وهو يشير الى قلب الحقيقة :
ـ« قل له : يوصيك أن لا تعطي أحداً ما تندم عليه » ١٨٣.
وكان المأمون يترقب .. يترقب صرخة .. مناحة .. ولكن لا شيء لعلّ ثلاث حبّات لا تكفي في اغتيال من لا تحبّه بغداد اللعوب .. ساءت حالة الامام ودهمته حمّى شديدة .. وانتشر نبأ العنب في أروقة القصر وخارجه .. وعمد المأمون الى التزام الفراش .. متمارضاً .. لكن الحمّى لم تدهمه وكان جسده كتلة من اللحم البارد لا مشاعر ، ولا عاطفة ، ولا رحمة في ذلك القلب الذي يشبه كتلة من الرصاص!
وانتابته هواجس ... ماذا لو تحدّث الرضا عن مؤامرة اغتياله؟ ماذا لو همس بذلك الى أصحابه وبعض قادة الجيش .. من الذين لمح في عيونهم وسلوكهم احتراماً وحبّاً له ..
ودخل جاسوس من الذين يراقبون بيت الامام قائلاً له :
ـ إن هرثمة بن أعين قد جاء يعود الرضا ١٨٤.
صاح بعصبية :
ـ وماذا تفعل هنا أيها الأحمق؟! اذهب واصغ لما يقولون!
ـ لقد فعلت ذلك ولكني لم التقط حتى كلمة واحدة ..