فالرضا يتحدّث بصوت واهن .. وهرثمة مطرق برأسه .. ولعلّه كان يذرف الدموع.
ـ اذهب واحضر ابن بشير.
ـ سمعاً وطاعة يا سيّدي.
وجاء إبن بشير وقد بدا عليه التوجّس .. وقال مبادراً :
ـ يا أمير المؤمنين! نضج الرمّان.
ـ أعرف ذلك .. افتح ذلك الصندوق وآتني بالمزور المختوم ..
واحضر ابن بشير منديلاً أصفر اللون .. قال المأمون :
ـ فضّ الختم! وادخل يديك وقلب الدواء الذي فيه ...
وكان ابن بشير يفعل كل ما يؤمر ولا يسأل ... ورأى فيه ما يشبه طحين الذرة البيضاء ... وظلّ يقلّب كفيه داخل الطحين الأبيض العجيب حتى امتلأت أظفاره ... نهض المأمون وأعاد المزور الى مكانه .. ثم التفت الى غلامه :
ـ والآن هيّا لنعود الرضا فإنه محموم!
ـ؟!!
ـ ما لك تنظر كالأبله؟!
وتظاهر بالاجهاد وهو يخطو خارج حجرته متجهاً الى باب تؤدي الى حجرة الامام ..