ودوّت مناحة كربلائية .. وغمرت القصر ظلمة مخيفة وظلّت القناديل مطفأة .. لقد انطفأت الشمس ، وظهر الشيطان يعربد .. يرقص جذلاً فوق جثة هابيل ... وجاء قابيل .. جاء المأمون يذرف دموع التماسيح وليجأر أمام صمت الامام :
ـ ما أدري أي المصيبتين أعظم عليّ ... فقدي لك وفراقي إيّاك أو تهمة الناس لي أني اغتلتك .. وقتلتك » ١٩٠.
وانطلق أحدهم لإخبار محمد بن جعفر عمّ الامام ..
ولكنّه فوجئ بحراسة مكثّفة وأوامر مشدّدة بعدم مغادرة القصر أيّ كان ولأيٍّ من الاسباب! ..
ووضعت كتائب خاصّة في حالة استنفار قصوى ، وانتشر جواسيس لهم أنوف كأنوف الكلاب في صفوف الجيش تحسّباً لردود الفعل!
ولم يعلن عن وفاة الامام الا بعد يوم وليلة ١٩١ ، وفي أخريات صفر سنة ٢٠٣ أيلول سنة ٨١٨ م رحل الروح العظيم وجرت مراسم الغسل حسب وصيته ..
وكان المأمون قد أرسل وراء محمد بن جعفر وجماعة من الطالبيّين ليشهدوا على وفاة الامام في ظروف طبيعية ١٩٢ وانه رحمهالله لم يتعرّض الى عملية اغتيال!