وعاد المشيّعون ، ولم يبق أحد سوى المأمون الذي قرّر المرابطة عند القبر .. وانه سيصوم ثلاثة أيام .. وعندما تكاثف ظلمة الليل أرسل المأمون من يحضر له هرثمة بن أعين ..
لم يتناول المأمون في العشاء سوى كسرة خبز وقليلاً من الملح ..
وجاء هرثمة ليجلس قبالة الذئب الذي يرتدي فراء الثعلب وفاحت رائحة طين معطور .. وبكى هرثمة على الرغم منه .. فتساءل المأمون :
ـ هل قال الرضا شيئاً أول أمس؟؟
ولم يستطع هرثمة كتمان الحقيقة
ـ قال لي : « يا هرثمة هذا أوان رحيلي الى الله ولحوقي بجدّي وآبائي .. لقد بلغ الكتاب أجله .. وقد عزم هذا الطاغي على سمّي في عنب ورمّان » ١٩٦.
وانتحب المأمون أو تظاهر بذلك وألقى نفسه على تراب القبر :
ـ ويل للمأمون من الله .. ويل من رسول الله ويل له من علي بن أبي طالب ويل .. ويل للمأمون من فاطمة .. هذا والله الخسران المبين ١٩٧.