والجنّة دار معدّة لإيصال الثواب ، وجهنّم دار معدّة لإيصال العقاب. ووجودهما في الجملة إجماعي.
وإنّما الخلاف في وجودهما الآن ، وهو الحقّ.
تدلّ عليه قصّة آدم وحوّاء وإسكانهما الجنّة وإخراجهما عنها بأكل الشجرة ، وكونهما يخصفان عليهما من ورق الجنّة على ما نطق به الكتاب (١) والسنّة (٢). وانعقد عليه إجماع الخاصّة والعامّة قبل المخالف على ما حكي (٣).
والحمل على البساتين خلاف الظاهر الذي لا تدعو إليه حاجة إلاّ تشهّي النفس والتفسير بالرأي على ما يطابق رضاه. وعدم القول بوجود الجنّة دون النار يثبت تمام المدّعى.
وقد وردت في ذلك ما عدا ما ذكر آيات كثيرة صريحة كقوله تعالى : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى ) (٤).
وقوله تعالى في حقّ الجنّة : ( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) (٥) ، ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٦).
وفي حقّ النار ( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ ) (٧). ونحو ذلك.
وحملها على التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي للمبالغة في تحقّقهما كما في ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ) (٨) ونحوه خلاف الظاهر ، ولا قرينة عليه.
والتمسّك في المنع بأنّ خلقهما قبل يوم الجزاء عبث لا يليق بجنابه تعالى فاسد ،
__________________
(١) الأعراف (٧) : ٢٠ ـ ٢٢ ؛ طه (٢٠) : ١١٧ ـ ١٢١.
(٢) « معاني الأخبار » : ١٠٨ ـ ١١٠ ؛ وعنه في « بحار الأنوار » ١١ : ١٧٢ ـ ١٧٤ ، ح ١٩.
(٣) « شرح المقاصد » ٥ : ١٠٨.
(٤) النجم (٥٣) : ١٣ ـ ١٥.
(٥) آل عمران (٣) : ١٣٣.
(٦) الشعراء (٢٦) : ٩٠.
(٧) الشعراء (٢٦) : ٩١.
(٨) الكهف (١٨) : ٩٩.