أمّا أوّلا ؛ فلأنّهما محلاّن لبعض المخلوقين كالحور والغلمان في الجنّة.
وأمّا ثانيا ؛ فلأنّ عدم العلم بالفائدة لا يستلزم عدمها.
وأمّا قوله تعالى : ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) (١) فعلى تقدير عدم إرادة كونه كالهالك لضعف الوجود الإمكاني غير مناف لما ذكرنا ، من جهة لزوم دوام أكل الجنّة وظلّها المنافي للفناء ظاهرا ؛ لكون المراد زوال الصورة لا المادّة. ولو سلّم فمخصوص بغير هما ، مع احتمال حمل الدوام على عدم انقطاع البقاء زمانا يعتدّ به ، كما في دوام المأكول فإنّه يتجدّد تجدّدا غير مناف لفنائه لحظة.
وأمّا قوله تعالى : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ) (٢) فعلى تقدير كونهما في هذا العالم غير مناف لوجودهما من جهة امتناع تداخل الأجسام ؛ لأنّه محمول على التشبيه ولو سلّم العدم لامتناع قيام عرض شخصي بمحلّين موجودين ، ويشهد عليه قوله تعالى في آية أخرى : ( كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ) (٣). وورد خبر دالّ على أنّ : من لم يقل بوجودهما الآن فهو ليس منّا (٤).
وأمّا سؤال القبر وعذابه فهما ممكنان قد تواترت الأخبار عليهما مضافا إلى الآيات ، بل قد قيل : إنّ الخلاف مسبوق بالإجماع (٥).
وأمّا الآيات : فمنها قوله تعالى : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ) ، (٦) إذ عطف عذاب القيامة على عرض النار صباحا ومساء يقتضي كونه غيره ، وكون المعطوف عليه قبله ، فهو في القبر.
__________________
(١) القصص (٢٨) : ٨٨.
(٢) آل عمران (٣) : ١٣٣.
(٣) الحديد (٥٧) : ٢١.
(٤) « عيون أخبار الرضا » ١ : ١١٦ ، ح ٣ ؛ « الأمالي » للصدوق : ٣٧٣ ، المجلس ٧٠.
(٥) تقدّم في ص ٢٢٥.
(٦) غافر (٤٠) : ٤٦.