ومنها : قوله تعالى حكاية : ( رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) (١). وإحدى الحياتين ليست إلاّ في القبر ، ومن قال بالإحياء فيه قال بالسؤال والعذاب فيه أيضا.
ويدلّ عليه ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال في القبر : « روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النيران » (٢). ونحوه آخر (٣).
وقوله صلىاللهعليهوآله : « استنزهوا من البول فإنّ عامّة عذاب القبر منه » (٤).
وكذا ما روي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كفّن أمّ أمير المؤمنين عليهالسلام فاطمة بنت أسد رضياللهعنه في قميصه بعد ما فرغت النساء من غسلها ، وحمل جنازتها على عاتق عنقه فلم يزل تحت جنازتها حتّى أوردها قبرها ، ثمّ وضعها ودخل القبر واضطجع فيه ، ثمّ قام فأخذها على يديه ووضعها في قبرها ، ثمّ انكبّ عليها يناجيها طويلا ويقول : « ابنك ابنك » ، ثمّ خرج وسوّى عليها التراب ، ثمّ انكبّ على قبرها فسمعوه وهو يقول : « اللهم إنّي أودعتها إيّاك » ثمّ انصرف ، فقال له المسلمون : يا رسول الله إنّا رأيناك صنعت اليوم شيئا لم تصنعه قبل اليوم؟
فقال : « في اليوم فقدت برّ أبي طالب عليهالسلام ، إنّها كانت ليكون عندها الشيء فتؤثرني به على نفسها وولدها ، وإنّي ذكرت القيامة ، وأنّ الناس يحشرون عراة ، فقالت : وا سوأتاه ، فضمنت لها أن يبعثها الله كاسية ، وذكرت ضغطة القبر ، فقالت : وا ضعفاه ، فضمنت لها أن يكفيها الله ذلك ، فكفّنتها بقميصي واضطجعت في قبرها لذلك وانكببت عليها فلقّنتها ما تسأل عنه ، وإنّما سئلت عن ربّها ، فقالت الله ، وسئلت عن نبيّها فأجابت ، وسئلت عن وليّها وإمامها فأرتج عليها فقلت لها : ابنك ابنك ، فقالت : ولدي إمامي فانصرفا عنها ، وقالا : لا سبيل لنا عليك نامي كما تنام العروس في
__________________
(١) غافر (٤٠) : ١١.
(٢) « بحار الأنوار » ٦ : ٢٠٥ و ٢٧٥ ؛ « سنن الترمذي » ٤ : ٦٤٠ ، ح ٢٤٦٠ ؛ « مجمع الزوائد » ٣ : ٤٦.
(٣) « الخصال » : ١١٩ ـ ١٢٠ ، ح ١٠٨ ؛ « الأمالي » للطوسي : ٢٨ ، ح ٣١ ، المجلس ١.
(٤) « سنن الدارقطني » ١ : ١٢٨ ، باب نجاسة البول ... ، ح ٧ ؛ « نيل الأوطار » ١ : ١١٤ ؛ « نصب الراية » ١ : ١٢٨.