لما اشتهر من أنّ الدفع أسهل من الرفع.
وإلى هذا أشار بقوله : ( ولانتفاء الأولويّة ).
( وإثبات بقاء لا في محلّ يستلزم الترجيح بلا مرجّح ، أو اجتماع النقيضين.
وإثباته في محلّ يستلزم توقّف الشيء على نفسه ، إمّا ابتداء أو بواسطة ).
ذهبت طائفة إلى أنّ الجوهر باق ببقاء قائم بذاته فإذا انتفى ذلك البقاء انتفى الجوهر. والمصنّف أبطل هذا المذهب ، وقال في إبطاله : وإثبات بقاء لا في محلّ يستلزم الترجيح بلا مرجّح ، أو اجتماع النقيضين ؛ وذلك لأنّ البقاء لا يخلو إمّا أن يكون جوهرا أو عرضا. فإن كان الأوّل يلزم الترجيح بلا مرجّح ؛ لأنّه لا يمكن أن يكون كلّ من الجوهرين ـ أعني الجوهر الذي هو باق بالبقاء والجوهر الذي هو البقاء ـ شرطا للآخر ؛ لاستحالة الدور ، فيكون أحدهما شرطا للآخر من غير عكس ، فيلزم الترجيح بلا مرجّح ؛ لأنّه لم يكن جعل أحدهما شرطا للآخر أولى من العكس. وإن كان الثاني يلزم اجتماع النقيضين ؛ لأنّه باعتبار أن يكون قائما بذاته لا يكون في محلّ ، وباعتبار كونه عرضا يكون في محلّ ، فيلزم اجتماع النقيضين.
وذهب جماعة من الأشاعرة إلى أنّ الجوهر باق ببقاء قائم به ، فإذا أراد الله تعالى إعدام الجوهر لم يوجد البقاء فانتفت الجوهريّة.
فأبطل المصنّف ذلك المذهب بأنّ حصول البقاء في المحلّ يستلزم توقّف الشيء على نفسه إمّا ابتداء أو بواسطة ؛ وذلك لأنّ حصول البقاء في المحلّ يتوقّف على حصول المحلّ في الزمان الثاني ، فحصوله في الزمان الثاني إمّا نفس البقاء ، فيلزم توقّف الشيء على نفسه ابتداء ، أو معلول البقاء ، فيلزم توقّف الشيء على نفسه بواسطة (١).
وصل : هذا الاعتقاد الذي ذكرنا من أصول المذهب الجعفري ، ومنكره خارج عن المذهب.
__________________
(١) « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٣٨٠ ـ ٣٨٢.