عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً ) (١). والمراد من الطائر صحيفة الأعمال التي تطير إلى صاحبها.
ومنها : في بطلان الإحباط ، وجواز العفو ، ووقوع الشفاعة.
اعلم أنّ معنى الإحباط عبارة عن إسقاط الثواب المتأخّر للمكلّف بإساءته المتقدّمة وبالعكس على وجه الحتم واللزوم.
وهذا مخالف للعقل والنقل.
أمّا العقل ؛ فلاستلزامه الظلم فيما إذا كان الثواب مثلا أكثر.
وأمّا النقل ؛ فلقوله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (٢).
وأمّا قوله تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) (٣) ، فلا يستلزم الإحباط المتنازع فيه ؛ إذ إحباط الشرك غير مستلزم لإحباط كلّ واحدة من المعاصي لكلّ واحدة من الحسنات ، مضافا إلى عدم دلالة الآية على العكس ، والإحباط لا يتمّ إلاّ به.
وأمّا قوله تعالى : ( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) (٤) ، فهو مخصوص ببعض الحسنات كالحسنة المذكورة في بعض الأخبار من قراءة بعض الأدعية ونحوها كما يقتضيه سبب النزول (٥).
والحديث المنقول في هذا المقام من : « أنّ الصلاة إلى الصلاة كفّارة لما بينهما ما اجتنب الكبائر » (٦). مضافا إلى عدم دلالة الآية على إذهاب السيّئات تقتضي
__________________
(١) الإسراء (١٧) : ١٣.
(٢) الزلزلة (٩٩) : ٧ ـ ٨.
(٣) الزمر (٣٩) : ٦٥.
(٤) هود (١١) : ١١٤.
(٥) انظر « تفسير مجمع البيان » ٥ : ٢٠٠ ـ ٢٠١ ، ذيل الآية ١١٤ من سورة هود (١١).
(٦) « بحار الأنوار » ٧٩ : ٣١٩.