والعقاب على المعصية ، فيجب البعث بمقتضى الحكمة وإلاّ لكان ظالما ـ تعالى الله عمّا يقولون علوّا كبيرا ـ وهذا البيان مبنيّ على قاعدة التحسين والتقبيح العقليّين ، وأنّ العدل واجب على الله تعالى كما هو مذهب المصنّف.
والحقّ أنّ المعاد الجسماني والروحاني كلاهما واقع. أمّا الروحاني فلما تبيّن من أنّ النفس تبقى بعد خراب البدن ولها سعادة وشقاوة ، وقد جاء في القرآن مثل قوله تعالى : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ ) (١). وقال : ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً ) (٢).
وأمّا المعاد الجسماني فلا يستقلّ العقل بإثباته ، ولكن قد وردت في القرآن آيات كثيرة دالّة على إثباته بحيث لا يقبل التأويل.
منها : قوله تعالى : ( قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) (٣).
( فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ) (٤).
( فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) (٥).
( أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ * بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ ) (٦).
( أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً ) (٧).
( وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا ) (٨).
__________________
(١) آل عمران (٣) : ١٦٩ ـ ١٧٠.
(٢) الفجر (٨٩) : ٢٧ ـ ٢٨.
(٣) يس (٣٦) : ٧٨ ـ ٧٩.
(٤) يس (٣٦) : ٥١.
(٥) الإسراء (١٧) : ٥١.
(٦) القيامة (٧٥) : ٤ ـ ٥.
(٧) النازعات (٧٩) : ١١.
(٨) فصّلت (٤١) : ٢١.