فما ذكره من كون ما اعتقده موافقا لغيره غفلة أو تدليس كالتشبّث بكلّ حشيش ، مضافا إلى أنّ ما ذكره سابقا من كون وجود المعصومين شرطا لإيجاد الخلق ـ مع عدم مناسبته لما صدر منه في الكلمات السابقة ـ مخالف لما في الصحيفة السجاديّة ، كقوله : « أنت الذي لم يعنك على خلقك شريك ، ولم يؤازرك في أمرك وزير ، ولم يكن لك مشاهد ولا نظير » (١). وهكذا سائر الكلمات الصادرة من الأئمّة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وإلى مثل ما ذكرنا أشار المصنّف مع بيان الشارح القوشجي بقوله : ( ووجوب إيفاء الوعد والحكمة تقتضي وجوب البعث. والضرورة قاضية بثبوت الجسماني من دين محمّد صلىاللهعليهوآله مع إمكانه. ولا يجب إعادة فواضل المكلّف ).
اختلفوا في المعاد فأطبق الملّيّون على المعاد الجسماني. وذهب طائفة من المحقّقين إلى المعاد النفساني ، والمراد به وجود الروح بعد موت البدن وخرابه ، وهو ممّا يمكن إثباته بالبراهين القطعية (٢).
وأمّا المعاد الجسماني فلا مجال للبرهان على إثباته ونفيه ، ولكن يجب أن يعتقد على الوجه الذي ذكره الأنبياء ؛ لأنّهم صادقون. وذهب طائفة إلى نفيهما.
واحتجّ المصنّف على وجود المعاد بوجهين :
الأوّل : أنّ الله تعالى وعد المكلّفين بالثواب على الطاعات وتوعّد بالعقاب على المعاصي بعد الموت ، ولا يتصوّر الثواب والعقاب بعد الموت إلاّ بعد العود ، فيجب العود إيفاء للوعد والوعيد.
والثاني : أنّ الله تعالى كلّف بالأوامر والنواهي فيجب أن يصل الثواب بالطاعة
__________________
(١) « الصحيفة السجاديّة » : ٢٥٣ ، الدعاء ٤٧.
(٢) في المصدر : « العقليّة ».