خالصا عن شوب من الثواب.
أجاب عنه فقال : ( وكلّ ذي مرتبة في الجنّة لا يطلب الأزيد من مرتبته ) فلا يكون مغتمّا بمشاهدة من هو أعظم درجة منه ( ويبلغ سرورهم بالشكر إلى حدّ انتفاء المشقّة ، وغناهم بالثواب ينفي عنهم مشقّة ترك القبائح ، وأهل النار ملجئون إلى ترك القبائح ) فلا يثابون به فيكون عقابهم خالصا عن الشوب. ( ويجوز توقّف الثواب على شرط وإلاّ لأثيب العارف بالله تعالى خاصّة ).
ذهب جماعة من المعتزلة إلى أنّ الثواب يجوز أن يتوقّف على شرط.
واختاره المصنّف ، واحتجّ عليه بأنّه لو لم يجز توقّف الثواب على شرط ، لكان العارف بالله تعالى وحده من غير أن يصدّق النبيّ صلىاللهعليهوآله في رسالته مثابا ، والتالي باطل بالاتّفاق.
بيان الملازمة : أنّ العارف بالله تعالى وحده من غير أن يصدّق النبيّ صلىاللهعليهوآله له معرفة مستقلّة ، فلو لم يجز توقّف الثواب على شرط لوجب أن يثاب بالمعرفة المستقلّة وإن لم يصدّق النبيّ صلىاللهعليهوآله .
( والإحباط باطل ؛ لاستلزامه الظلم ، ولقوله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) (١) ).
ذهب جماعة من المعتزلة إلى الإحباط والتكفير ، على معنى أنّ المكلّف يسقط ثوابه المتقدّم بمعصيته المتأخّرة ، وتكفّر ذنوبه المتقدّمة بطاعته المتأخّرة (٢) ، ونفاه المحقّقون ، واختاره المصنّف ، واحتجّ عليه بأنّه ظلم ؛ لأنّ من أطاع وأساء وكانت إساءته أكثر يكون بمنزلة من لم يحسن ، ومن كان إحسانه أكثر يكون بمنزلة من لم يسئ ، وإن تساويا يكون مساويا لمن لم يصدر عنه أحدهما ، وليس كذلك عند
__________________
(١) الزلزال (٩٩) : ٧.
(٢) حكاه عنهم العلاّمة في « كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد » : ٤١٣ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ٦٢٤.