الثاني : أنّ المدح والذمّ دائمان ؛ إذ لا وقت إلاّ ويحسن فيه مدح المطيع وذمّ العاصي ، وهما معلولا الطاعة والمعصية ، فيجب دوام الثواب والعقاب ؛ لأنّ دوام أحد المعلولين يستلزم دوام المعلول الآخر.
وإليه أشار بقوله : ( ولدوام المدح والذمّ ).
الثالث : أنّ الثواب لو كان منقطعا لحصل لصاحبه الألم بانقطاعه ، والعقاب لو كان منقطعا لحصل لصاحبه السرور بانقطاعه ، فلم يكن الثواب والعقاب خالصين عن شوب ، لكن يجب خلوصهما ، لما سيأتي متّصلا بهذا البحث.
وإلى ذلك أشار بقوله : ( ولحصول نقيضهما لولاه ) أي يلزم بانقطاع الثواب الذي هو النفع حصول ضرر الألم الذي هو نقيضه ، وبانقطاع العقاب الذي هو الضرر حصول نفع السرور الذي هو نقيضه.
( ويجب خلوصهما ) أي خلوص الثواب والعقاب عن الشوائب. أمّا الثواب ؛ فلأنّه لو لم يكن خالصا لكان أنقص حالا من العوض والتفضّل إذا كانا خالصين ، وأنّه غير جائز.
وإلى هذا أشار بقوله : ( وإلاّ لكان الثواب أنقص حالا من العوض والتفضّل على تقدير حصوله ) أي حصول الخلوص ( فيهما ) أي في العوض والتفضّل. وأمّا العقاب فلأنّه ( أدخل في باب الزجر ) من الثواب ، فيجب خلوصه بالطريق الأولى.
وإلى هذا أشار بقوله : ( وهو أدخل في باب الزجر ).
ولمّا كان لسائل أن يقول : إنّ الثواب لا يخلص عن الشوائب ؛ لأنّ أهل الجنّة درجاتهم متفاوتة ، فمن كان أدنى مرتبة يكون مغتمّا إذا شاهد من هو أعظم درجة ؛ ولأنّه يجب على أهل الجنّة الشكر على نعم الله تعالى ، ويجب عليهم الإخلال بالقبائح ، وكلّ ذلك مشقّة ، فلا يكون الثواب خالصا من الشوب.
وأيضا فإنّ أهل النار يتركون القبائح فيجب أن يثابوا بتركها ، فلا يكون عقابهم