لما ورد في الحديث (١) ؛ ولأنّ تعذيب من لا جرم له ظلم (٢).
وأمّا أنّ عذاب صاحب الكبيرة هل هو منقطع أم لا؟ فذهب أهل السنّة والإماميّة من الشيعة وطائفة من المعتزلة إلى أنّه ينقطع (٣) ، واختاره المصنّف. واحتجّ عليه بأنّ صاحب الكبيرة يستحقّ الثواب بإيمانه ؛ لقوله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) (٤) ، ولا شكّ أنّ الإيمان أعظم أعمال الخير ، فإن استحقّ العقاب بالمعصية ، فإمّا أن يقدّم الثواب على العقاب وهو باطل بالاتّفاق ، أو بالعكس وهو المطلوب. وبأنّه لو لم ينقطع عذابه ، يلزم أنّه إذا عبد الله تعالى مكلّف مدّة عمره ثمّ عمل كبيرة في آخر عمره لا ينقطع عذابه وهو قبيح عقلا.
( والسمعيّات متأوّلة ، ودوام العقاب مختصّ بالكافر ) السمعيّات التي تمسّك المعتزلة بها في عدم انقطاع عذاب صاحب الكبيرة مثل قوله تعالى : ( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها ) (٥) ، ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ) (٦) ، ( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها ) (٧). متأوّلة إمّا بتخصيص العمومات بالكفّار ، أو بحمل الخلود على المكث الطويل.
وأمّا قولهم : إنّ الثواب والعقاب ينبغي أن يكونا دائمين لما تقدّم ، فإن أريد بدوام العقاب دوام عقاب الكفّار فمسلّم وإلاّ فممنوع.
( والعفو واقع ؛ لأنّه حقّه تعالى فجاز إسقاطه ، ولا ضرر عليه في تركه المكلّف فحسن إسقاطه ؛ ولأنّه إحسان ؛ وللسمع ).
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٥ : ٢٩١ ، ح ٦.
(٢) انظر « شرح المقاصد » ٥ : ١٣٤ ـ ١٣٥.
(٣) « كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد » : ٤١٤ ؛ وانظر « شرح المقاصد » ٥ : ١٣٥.
(٤) الزلزال (٩٩) : ٧.
(٥) الجنّ (٧٢) : ٢٣.
(٦) النساء (٤) : ٩٣.
(٧) النساء (٤) : ١٤.