وأنكره بعض المعتزلة ذهابا إلى أنّ الأعمال أعراض لا يمكن أن توزن ، فكيف إذا زالت وتلاشت ، بل المراد به العدل الثابت في كلّ شيء ؛ ولذا ذكر بلفظ الجمع ، وإلاّ فالميزان المشهور واحد (١).
وقيل : هو الإدراك فميزان الألوان البصر ، والأصوات السمع ، والطعوم الذوق وكذا سائر الحواسّ ، وميزان المعقولات العقل (٢).
وأجيب : بأنّه تعالى يزن صحائف الأعمال.
وقيل : بل تجعل الحسنات أجساما نورانيّة والسيّئات أجساما ظلمانيّة. وأمّا لفظ الجمع فللاستعظام.
وقيل : لكلّ مكلّف ميزان ، وإنّما الميزان الكبير واحد ؛ إظهارا لجلالة الأمر فيه وعظم المقام (٣).
وأمّا الصراط فقد ورد في الحديث الصحيح : « أنّه جسر ممدود على متن جهنّم يرده الأوّلون والآخرون ، أدقّ من الشعر وأحدّ من السيف ». (٤)
ويشبه أن يكون المرور عليه هو المراد بورود كلّ أحد النار على ما قال الله تعالى : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها ) (٥).
وأنكرها القاضي عبد الجبّار وكثير من المعتزلة ؛ زعما منهم أنّه لا يمكن الخطور عليه ، ولو أمكن ففيه تعذيب ولا عذاب على المؤمنين والصلحاء يوم القيامة قطعا ، قالوا : بل المراد به طريق الجنّة المشار إليه بقوله تعالى : ( سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ ) (٦)
__________________
(١) حكاه التفتازاني عنهم في « شرح المقاصد » ٥ : ١٢٠ ـ ١٢١.
(٢) حكاه التفتازاني أيضا في « شرح المقاصد » ٥ : ١٢١.
(٣) حكاهما التفتازاني في « شرح المقاصد » ٥ : ١٢١.
(٤) « الكافي » ٨ : ٣١٢ ، ح ٤٨٦ ؛ « تفسير القمّي » ١ : ٢٩ ؛ « الأمالي » للصدوق : ١٤٩ ، المجلس ٣٣ ، ح ٤.
(٥) مريم (١٩) : ٧١.
(٦) محمّد صلىاللهعليهوآله (٤٧) : ٥.