أمّا الكتاب فقوله تعالى : ( وَلا تَجَسَّسُوا ) (١). وقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا ). الآية (٢) ؛ فإنّه يدلّ على حرمة السعي في إظهار الفاحشة ، ولا شكّ أن التجسّس سعي في إظهارها.
وأمّا السنّة فقوله عليهالسلام : « من تتبّع عورة أخيه ، تتبّع الله عورته ، ومن تتبّع الله عورته ، فضحه على رءوس الأشهاد الأوّلين والآخرين » (٣).
وقوله عليهالسلام : « من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليسترها يستره الله » (٤). وأيضا قد علم من سيرته عليهالسلام أنّه كان لا يتجسّس عن المنكرات بل يسترها ويكره إظهارها.
ثمّ إنّه فرض كفاية لا فرض عين ، فإذا قام به قوم سقط عن الآخرين ، وإذا ظنّ كلّ طائفة أنّه لم يقم به الآخر أثم الكلّ بتركه » (٥).
وصل : هذه الاعتقاد من أصول المذهب والدين ، ومنكره خارج عن المذهب والدين ؛ إذ الاعتقاد بما ذكر إجمالا من أصول الدين وتفصيلا باعتبار بعض الاعتقادات المذكورة كالاعتقاد بالشفاعة والعفو بنحوها ، ردّا على الوعيديّة القائلين بلزوم الوعيد على الله وعدم جواز العفو بنحوها وأمثال ذلك من أصول المذهب ، فالمخالف قد يكون خارجا عن المذهب ، وقد يكون خارجا عن الدين ، ويعرف ذلك بالتأمّل فيما ذكرنا وفصّلنا ، والتدبّر فيما أشرنا وحصّلنا ؛ فإنّ العاقل تكفيه الإشارة ، والجاهل لا تفي [ له ] العبارة.
__________________
(١) الحجرات (٤٩) : ١٢.
(٢) النور (٢٤) : ١٩.
(٣) « الكافي » ٢ : ٣٥٤ ، باب من طلب عثرات المؤمنين ، ح ٢ ؛ « الدرّ المنثور » ٧ : ٥٦٨ ـ ٥٦٩.
(٤) « بحار الأنوار » ٦٩ : ٢٥٤ ؛ « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ١٨ : ١٧٧.
(٥) « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٣٩٣ ـ ٣٩٥.