من بعدِ ذلك فهي كالحجارةِ أو أشدُّ قسوة .. ) (١).
وعليه فالعقيدة الإسلامية تراعي في الانسان عوامل القوة والضعف معا ، فقد وُصف الإنسان في الكتاب الكريم بأنّه خُلِق ضعيفا هلوعا عجولاً ، وأنه يطغى ، وأنّه كان ظلوما جهولاً (٢).
وعلى هذا الأساس لا تحاول الشريعة إرهاقه بتكاليف شاقة ، تفوق طاقاته وقدراته النفسية والبدنية ، قال تعالى : ( لا يُكلِّفُ اللّه نفسا إلاَّ وُسعَها .. ) (٣).
وقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رُفعَ عن أُمتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما أُكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، ومالا يطيقون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطّيرة ، والتّفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة » (٤). وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رُفعَ القلم عن ثلاثة : عن المجنون المغلوب على عقله حتّى يبرأ ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم » (٥).
فالعقيدة الإسلامية ـ إذن ـ تعتبر عوامل الضعف في الإنسان حالة طبيعية ناتجة عن تكوينه البشري ، ولم ترها معقدة بالمستوى الذي يفقد الإنسان معها قدرته على البناء والحركة ، وحرية الاختيار.
__________________
(١) البقرة ٢ : ٧٤.
(٢) راجع سورة النساء ٤ : ٢٨ ، والمعارج ٧٠ : ١٩ ، والاحزاب ٣٣ : ٧٢ ، والأنبياء ٢١ : ٣٧ ، والعلق ٩٦ : ٦.
(٣) البقرة ٢ : ٢٨٦.
(٤) الخصال ، للصدوق : ٤١٧ باب التسعة ـ منشورات جماعة المدرسين ـ قم.
(٥) كنز العمّال ، للمتقي الهندي ٤ : ٢٣٣ مؤسسة الرسالة ط ٥.