ربّهم عما سلف من ذنوبهم ، وأن يتوبوا إليه بتصحيح مسيرتهم وتنظيم علاقاتهم مع اللّه تعالى ، وحينئذ سوف تنتظم علاقتهم مع الطبيعة فتجود بالمطر والخير ، قال لهم : ( يا قومِ استغفرُوا ربَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إليهِ يُرسِلِ السَّماءَ عليكُم مِدرارا ويَزِدكُم قُوَّةً إلى قوَّتِكُم ولا تَتولَّوا مُجرِمين ) (١).
وعليه فالعبادة الحقة ، يجب أن تكون للّه وحده ، والخوف يجب أن يكون من الذنوب ، التي تُثير سخط اللّه وتجلب انتقامه ، فيستخدم الطبيعة أداة للعقوبة ، كما أغرق اللّه فرعون باليّم ، وأرسل الريح العقيم التي أهلكت قوم عاد ، وهكذا نجد أنّ أكثر العقوبات التي حلّت بالكافرين قد نُفّذت بواسطة قوى الطبيعة ، مما يكشف لنا العلاقة الترابطية بين الإنسان والطبيعة ، وفي هذا الصدد يقول الإمام الباقر عليهالسلام : « وجدنا في كتاب رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم .. إذا منعوا الزّكاة منعت الأرض بركتها من الزّرع والثمار والمعادن كلّها » (٢). ويقول ولده الإمام الصادق عليهالسلام : « إذا فشا الزِّنا ظهرت الزلازل ، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء .. » (٣).
وجملة القول أنّ الخوف الإنساني يجب أن يتركز على الذنوب والخطايا التي تسبب تدمير المجتمعات ورفع البركات ، أما الخوف من الطبيعة والاعتقاد بأنّ بعض ظواهرها شرور لا تجتمع مع النظام السائد على العالم أولاً وحكمته وعدله ثانيا ، فإنّما هو ناشيء من نظراتهم الضيّقة
__________________
(١) هود ١١ : ٥٢.
(٢) اُصول الكافي ٢ : ٣٧٤ / ٢ كتاب الايمان والكفر ـ دار صعب ط٤.
(٣) الخصال ، للشيخ الصدوق ١ ـ ٢ : ٢٤٢ / باب الاربعة ـ منشورات جماعة المدرسين عام ١٤٠٣ ه.