ولم يتأملها »
وعن الإمام علي عليهالسلام : أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا قام من الليل يتسوّك ثم ينظر إلى السماء ثم يقول : ( إنَّ في خَلقِ السَّمواتِ والأرضِ واختلافِ اللَّيلِ والنَّهارِ لأياتٍ لأُولي الألبابَ * الَّذينَ يَذكُرون اللّه قياما وقُعودا وعلى جُنُوبِهِم ويتفكَّرُونَ في خَلقِ السَّمواتِ والأرضِ ربَّنا ما خَلقتَ هذا باطِلاً سُبحانَكَ فَقِنَا عذابَ النَّارِ ) (١).
وقد سلك الأئمة الأطهار عليهمالسلام طريق الاستدلال على وجود اللّه تعالى من خلال التأمل العقلي في الكون وما فيه من نظم دقيق وتناسق بديع ، وهو الدليل الذي أطلق عليه المتكلمون « دليل النَّظم ».
قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام : « ولو فكَّروا في عظيم القُدرة ، وجسيم النعمة ، لرجعوا إلى الطريق ، وخافوا عذاب الحريق ، ولكن القلوب عليلة ، والبصائر مدخولة ، ألا ينظرون إلى صغير ما خلق ، كيف أحكم خلقه ، وأتقن تركيبه ، وفلق له السّمع والبصر ، وسوّى له العظم والبشر!
انظروا إلى النملة في صغر جثتها ، ولطافة هيئتها لا تكاد تنال بلحظ البصر ، ولا بمستدرك الفكر ، كيف دبّت على أرضها وضنّت على رزقها ... ولو فكّرت في مجاري أكلها ، وفي علوها وسفلها ، وما في الجوف من شراسيف بطنها ، وما في الرأس من عينها وأُذنها ، لقضيت من خلقها عجبا ، ولقيت من وصفها تعبا ...
فانظر إلى الشمس والقمر ، ... وتفجّر هذه البحار ، وكثرة هذه الجبال ،
__________________
(١) راجع الكشاف ، للزمخشري ١ : ٤٥٣.