إدراك وظيفة العلم الذي هو أداة لكشف الحقائق الموضوعية ، وتفسير الواقع تفسيرا محايدا بأعلى درجة من الدقة والعمق. أو أنّ هذه العقول جاهلة بمنهج الإسلام الذي ما انفك يدعو إلى العلم ، وأغلب الظن أنها عقول مأجورة تُردد مزاعم الأعداء والحاقدين على الإسلام ، وتغضّ الطرف عن العواقب الروحية الجسيمة ، التي حصلت من جرّاء فصل العلم عن الدين : « وأوضح الأمثلة على ذلك ، هذا العصر الذي نعيش فيه ، العصر الذي وصل فيه التقدم العلمي والمادي ذروته ، ووصلت الإنسانية إلى حضيضها من التقاتل الوحشي والتخاصم الذي يقطع أواصر الإنسانية ، ويجعلها تعيش في رعب دائم وخوف من الدمار ، كما وصلت إلى الحضيض في تصورها لأهداف الحياة وغاية الوجود الإنساني وحصرها في اللَّذة والمتاع ، وانحطاطها ـ تبعا لهذا التصور ـ إلى أحطّ دركات الانحلال الخلقي والفوضى الجنسية التي يعف عنها الحيوان » (١).
وعليه فإنّ العقيدة الإسلامية لها فضل كبير على مناهج التربية التي تسعى لبناء الإنسان ، لتأكيدها على دور الايمان والعلم معا في بناء شخصية الإنسان ، وبفصل العلم عن الايمان يغدو الإنسان كإبرة مغناطيس تتأرجح بين الشمال والجنوب ، وعليه فهو بحاجةٍ ماسة إلى قوة تتمكن من إيجاد ثورة في ضميره ، وتمنحه اتجاها أخلاقيا يحقق إنسانيته ، وهذا عمل لا يتمكن منه العلم بمعزل عن الدين.
__________________
(١) منهج التربية الاسلامية ، محمد قطب : ١١٥.