أنّه أمر أصحابه بذبح شاة في سفر ، فقال رجل من القوم : عليَّ ذبحها ، وقال الآخر : عليَّ سلخها ، وقال آخر : عليَّ قطعها ، وقال آخر : عليَّ طبخها ، فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « عليَّ أن ألقط لكم الحطب » فقالوا : يا رسول اللّه ، لا تتعبنَّ ـ بآبائنا وأُمهاتنا ـ أنت ، نحن نكفيك؟!.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « عرفتُ أنّكم تكفوني ، ولكن اللّه عزَّ وجلَّ يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن ينفرد من بينهم » فقام يلقط الحطب لهم (١).
وكما كرّه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في الموقف السابق أن ينفرد الإنسان عن سربه الاجتماعي ، ويكتفي بموقف المتفرج لا يقوم بشيء من المشاركة معهم ، كذلك كرّه أن يصبح الإنسان كلاًّ على جماعته ، يعتمد على غيره في عيشه وشؤونه ، بدون مبرر معقول : ذُكر عند النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم رجل .. قالوا : يا رسول اللّه ، خرج معنا حاجّا ، فإذا نزلنا لم يزل يهلّل اللّه حتّى نرتحل ، فإذا ارتحلنا لم يزل يذكر اللّه حتى ننزل.
فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فمن كان يكفيه علف دابته ، ويصنع طعامه؟ قالوا : كلّنا ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : كلّكم خير منه » (٢).
وأسهمت مدرسة أهل البيت عليهمالسلام في ترسيخ مبدأ التعاون والتكافل في أذهان الناس وسلوكهم ، فعلى سبيل الاستشهاد ، كان علي بن الحسين عليهالسلام إذا جنّه الليل ، وهدأت العيون ، قام إلى منزله ، فجمع ما تبقّى من قوت أهله ، وجعله في جراب ، ورمى به على عاتقه ، وخرج إلى دور الفقراء ، وهو متلثم ، حتى يفرقه عليهم ، وكثيرا ما كانوا قياما على أبوابهم
__________________
(١) مكارم الاخلاق ، للشيخ الطبرسي : ٢٥١ ـ ٢٥٢ ، مؤسسة الأعلمي ط٦.
(٢) بحار الانوار ٧٦ : ٢٧٤ عن كتاب المحاسن.