عرضها السّماوات والأرض؟! قال : نعم ، قال : بخ بخ! لا واللّه يا رسول اللّه ، لا بدَّ أن أكون من أهلها ، قال : فإنّك من أهلها » ، فأخرج تميرات من قرنه فجعل يأكل منهنَّ ، ثم قال : لئن حييت حتّى آكل تمراتي هذه إنّها حياة طويلة ، فرمى بما كان معه من التمر ، ثمّ قاتل حتى قتل (١).
فالبيئة التي يتواجد فيها هذا المجاهد كانت خطرة ، فهو يعيش أجواء حرب بدر ، ولكن بيئته النفسية كانت سعيدة ، حيثُ يأمل العيش في جنّة عرضها السماوات والأرض فالمسلم بفضل عقيدة الإيمان باللّه تعالى يشعر بالرضا والاطمئنان بما يقع في محيطه من أحداث ، ويوطّن نفسه على قضاء اللّه وقدره ، فالمصيبة التي تصيبه في حاضره ، قد تتحول إلى بَرَكة ، والقرآن الكريم يُنمّي هذا الاحساس في نفس المؤمن قال تعالى : ( .. وعَسى أن تكرهُوا شيئا وهو خيرٌ لكُم وعسى أن تُحبُّوا شيئا وهو شرٌّ لكُم واللّه يعلمُ وأنتم لا تعلمونَ ) (٢).
وأحاديث أهل البيت عليهمالسلام تعمّق هذا الشعور في نفوس المسلمين ، فقد بعث أمير المؤمنين عليهالسلام كتابا إلى ابن عباس ، وكان ابن عباس يقول : ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كانتفاعي بهذا الكلام : « أمّا بعد ، فإنّ المرء قد يسرّه درك ما لم يكن ليفوته ، ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه ، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك ، وليكن أسفك على ما فاتك منها » (٣).
__________________
(١)السيرة النبوية ، لابي الفداء ٢ : ٤٢٠ ـ دار الرائد العربي ط٣.
(٢) البقرة ٢ : ٢١٦.
(٣) نهج البلاغة ، صبحي الصالح : ٣٧٨ ـ كتاب ٢٢.