من دُونِ النّاسِ فتَمنَّوا الموتَ إن كنتم صادقين * ولا يتمنَّونه أبدا بما قدَّمت أيديهم واللّه عليمٌ بالظالمين ) (١).
ويقول الإمام علي عليهالسلام : « ... فما ينجو من الموت من خافه ، ولا يعطى البقاء من أحبّه » (٢). والمثير في الأمر أنّ العقيدة في الوقت الذي تخفف من خوف الإنسان من الموت ، تصوّر الموت للمؤمن كأنه تحفة! ينبغي الإقدام عليه ، وفي ذلك يقول الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « تحفة المؤمن الموت » وإنّما قال هذا لأنَّ الدنيا سجن المؤمن ، إذ لا يزال فيها في عناء من رياضة نفسه ومقاساة شهواته ومدافعة الشيطان ، فالموت إطلاق له من العذاب ، والإطلاق تحفة في حقّه لما يصل إليه من النعيم الدائم (٣).
وقال الإمام أبو عبداللّه الحسين عليهالسلام لأصحابه يوم عاشوراء : « صبرا يا كرام! فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضّراء إلى الجنان الواسعة والنّعيم الدائم ، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ .. » (٤).
من جانب آخر ، تدعو مدرسة آل البيت عليهمالسلام إلى ضرورة معرفة الموت ، فإنّ معرفة الشيء قد تبدّد المخاوف منه ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « إذا هبت أمرا فقع فيه ، فإنَّ شدَّة توقّيه أعظم مما تخاف منه » (٥) ، وقد روي عن الإمام علي بن محمد الهادي عليهالسلام أنّه قال لمريض من أصحابه ، عندما دخل عليه فوجده يبكي جزعا من الموت : « يا عبد اللّه ، تخاف من
__________________
(١) الجمعة ٦٢ : ٦ ـ ٧.
(٢) نهج البلاغة ، صبحي الصالح : ٨١ / خطبة ٣٨.
(٣) تنبيه الخواطر ، الأمير ورّام ١ ـ ٢ : ٢٦٨ باب ذكر الموت.
(٤) معاني الاخبار ، للصدوق : ٢٨٨ ـ منشورات جماعة المدرسين ـ ط ١٣٧٩ ه.
(٥) نهج البلاغة : قصار الحكم / ١٧٥.