وتعرف قديم إحسانه إليها .. ولم يزد هذا كله أيوب عليهالسلام إلاّ صبرا واحتسابا وحمدا وشكرا ، حتى إنّ المثل ليضرب بصبره) (١). فكان نتيجة هذا الصبر والاحتساب أن ردَّ اللّه تعالى إليه كلّ ما أخذ منه كرما وإحسانا.
والعقيدة في الوقت الذي تأمر المسلم بالتزام الصبر ، تنصحه بعدم الشكوى من المرض ، فالشكوى تعني ضمن ما تعنيه ، اتّهام اللّه تعالى في قضائه ، كما أنّها تحطّ من قدر الإنسان في نظر الناس ، وتبعث على الشماتة به أو التهكم عليه ، يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : « كان لي فيما مضى أخ في اللّه ، وكان يعظّمه في عيني صغر الدّنيا في عينه .. وكان لا يشكو وجعا إلاّ عند بُرئه .. » (٢).
ولا بدَّ من الإشارة إلى أنّ العقيدة في الوقت الذي تبدّد غيوم المخاوف في نفس الإنسان ، تنمّي فيه شعور الخوف من اللّه تعالى وحده باعتباره السبيل للتحرّز من جميع المخاوف ، وتحذّر من عصيانه ، وتلوّح بشدّة انتقامه ، والقرآن الكريم في آيات كثيرة يعمّق من شعور النفس بالخوف من اللّه تعالى ، منها : ( قُل إنّي أخافُ إن عصَيتُ ربي عذابَ يومٍ عظيمٍ ) (٣). وقال تعالى : ( وأمّا من خافَ مقامَ ربِّهِ ونهى النَّفسَ عَنِ الهوى * فإنَّ الجنَّة هي المأوى ) (٤).
وقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما سلط اللّه على ابن آدم إلاّ من خافه ابن آدم ،
__________________
(١) البداية والنهاية ، لابن الأثيرالدمشقي ١ : ٢٥٤ / ١ ـ دار احياء التراث العربي ١٤٠٨ ط ١.
(٢) نهج البلاغة ، صبحي الصالح : ٥٢٦.
(٣) الانعام ٦ : ١٥.
(٤) النازعات ٧٩ : ٤٠ ـ ٤١.