قال الإمام الباقر عليهالسلام : « إنَّ أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا » (١). جاء رجل إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من بين يديه فقال : يا رسول اللّه ما الدين؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « حُسن الخلق. ثم أتاه من قبل شماله فقال : ما الدين؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : حُسن الخلق. ثم أتاه عن يمينه فقال : ما الدين؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : حُسن الخُلق ، ثم أتاه من ورائه فقال : ما الدين؟ فالتفت إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : أما تفقه الدين؟ هو أن لا تغضب » (٢).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « عنوان صحيفة المؤمن حُسن خُلقه » (٣).
يقول العلاّمة الطباطبائي : « إنّ الأخلاق لا تفي بإسعاد المجتمع ولا تسوق الإنسان إلى صلاح العمل إلاّ إذا اعتمدت على التوحيد ، وهو الإيمان بأنّ للعالم ـ ومنه الإنسان ـ إلها واحدا سرمديا لا يعزب عن علمه شيء ، ولا يُغلَب في قدرته ، خلق الأشياء على أكمل نظام لا لحاجة منه إليها وسيعيدهم إليه فيحاسبهم فيجزي المحسن بإحسانه ويعاقب المسيء بإساءته ثم يخلدون منعّمين أو معذّبين.
ومن المعلوم أنّ الأخلاق إذا اعتمدت على هذه العقيدة لم يبق للإنسان همّ إلاّ مراقبة رضاه تعالى في أعماله ، وكانت التقوى رادعا داخليا له عن ارتكاب الجرم ، ولولا ارتضاع الأخلاق من ثدي هذه العقيدة ـ عقيدة التوحيد ـ لم يبق للإنسان غاية في أعماله الحيوية إلاّ التمتع بمتاع
__________________
(١) اُصول الكافي ٢ : ٩٩ / ١ كتاب الايمان والكفر.
(٢) المحجة البيضاء ٥ : ٨٩.
(٣) تحف العقول : ٢٠٠.