وأمّا في موارد الأصول فالمجعول فيها أحد نحوين :
فتارة يكون إنشاء الوظيفة العمليّة بلسان تنزيل مؤدّى الأصل منزلة الواقع في الجانب العملي ، فهو أصلي تنزيلي.
وتوضيحه : أنّ الاستصحاب للحالة السابقة كالوجوب أو الحرمة يقال فيه : أنّ الشارع نزّل مؤدّى الاستصحاب وهو الحكم المستصحب كالوجوب أو الحرمة منزلة الواقع بلحاظ الجري العملي ، فكأنّ الحرمة أو الوجوب ثابتين واقعا فهما يتطلّبان ويستدعيان بعثا وتحريكا في الوجوب وزجرا وتركا في الحرمة. فالمجعول هنا هو الجري العملي على أساس أنّ المؤدّى منزّل اعتبارا وتعبّدا منزلة الحكم الواقعي.
وهنا صورة أخرى لهذا التنزيل وهو أن يكون بلسان تنزيل نفس الأصل أو الاحتمال المقوّم له منزلة اليقين في جانبه العملي أيضا لا في الجانب الإحرازي.
وتوضيحه : ما يقال أيضا بالنسبة للاستصحاب : من أنّ الشارع نزّل نفس الاستصحاب الذي هو أصل عملي منزلة الواقع ، أو نزّل الاحتمال المقوّم لهذا الاستصحاب وهو الحيثيّة الكاشفة فيه عن البقاء وهي : ( غلبة أنّ ما يوجد يبقى ) منزلة الواقع بلحاظ الجانب العملي أيضا لا بلحاظ الإحراز والكشف عن الواقع.
فالمجعول هنا هو الجري العملي أيضا على أساس تنزيل نفس الأصل أو الأصل المقوّم له منزلة الواقع. وهاتان الصورتان يطلق عليهما الأصل العملي المحرز أو الأصل العملي التنزيلي ، حيث يكون المجعول فيه هو الجري العملي. وأخرى يكون إنشاء الوظيفة العمليّة من دون تنزيل أصلا لا للمؤدّى ولا لنفس الأصل ولا للاحتمال المقوّم ، وإنّما يلاحظ فيه موضوعيّة الشك ، في الواقع وعلاجه على أساس تحديد الموقف والوظيفة أمام هذا الواقع المشكوك. فهذا الأصل يسمّى بالأصل العملي الصرف أو المحض حيث لا يوجد فيه تنزيل أصلا ، فالمجعول هنا هو المنجّزيّة والمعذّريّة فقط.
وهذا يعني أنّ الفرق بين الأمارات والأصول ينشأ من كيفيّة صياغة الحكم الظاهري في عالم الجعل والاعتبار.
هذا إيراد على ما ذكرته مدرسة الميرزا من أنّ الفرق بين الأمارات والأصول إنّما هو في كيفيّة صياغة الحكم الظاهري المجعول في الأمارة والأصل ، وهذه التفرقة إنّما هي