وأمّا الموضوع في القضيّة الخارجيّة فهو الذوات الخارجيّة المتشخّصة بوجودها والمتميّزة عن غيرها ، ولذلك فهي الجزئيّات والأفراد والمصاديق الموجودة فعلا ؛ لأنّ القضيّة الحقيقيّة موضوعها ما يقبل الإشارة إليه ، والإشارة لا تتحقّق إلا إذا كان المشار إليه موجودا ومتشخّصا في وجوده ومتميّزا عن غيره بلحاظ أحد الأزمنة الثلاثة.
وعلى هذا فالافتراض والتقدير مستحيل في القضيّة الخارجيّة ؛ لأنّ الذوات الخارجيّة وما يقال عنه : ( هذا ) أي ما يشار إليه لا بدّ من كونه موجودا بالفعل ، ولا معنى لافتراضه وتقديره. فهناك تناف بين الإشارة وبين الافتراض والتقدير ؛ لأنّ الإشارة معناها أنّ المشار إليه متحقّق الوجود بالفعل ، والافتراض والتقدير معناه أنّه ليس موجودا فعلا.
والحاصل : أنّ الموضوع في القضيّة الحقيقيّة كلّي ، بينما في القضيّة الخارجيّة الذات المتشخّصة المشار إليها وهي الجزئيّات.
فإن كان وصف ما دخيلا في ملاك الحكم في القضيّة الخارجيّة تصدّى المولى لإحراز وجوده ، كما إذا أراد أن يحكم على ولده بوجوب إكرام أبناء عمّه وكان لتديّنهم دخل في الحكم ، فإنّه يتصدّى بنفسه لإحراز تديّنهم ، ثمّ يقول : ( أكرم أبناء عمّك كلّهم ) أو ( إلا زيدا ) تبعا لما أحرزه من تديّنهم كلاّ أو جلاّ. وأمّا إذا قال : ( أكرم أبناء عمّك إن كانوا متديّنين ) فالقضيّة شرطيّة وحقيقيّة من ناحية هذا الشرط ؛ لأنّه قد أفترض وقدّر.
وهذا الفارق النظري يترتّب عليه ثمرة عمليّة وهي :
إذا كان هناك وصف ما دخيلا في ملاك الحكم أي كان يوجد في الملاك هذا الوصف والذي على أساسه صدر هذا الحكم ، فهنا إن كانت القضيّة خارجيّة فهذا الوصف الدخيل في ملاك الحكم يجب على الحاكم نفسه التصدّي لإحراز وجوده في الذوات الخارجيّة ، والأفراد التي انصبّ عليها حكمه وكانت موضوعا لحكمه. وليس المكلّف مطالبا بالتصدّي لإحراز هذا الوصف الدخيل في الملاك.
فمثلا : إذا أراد الحاكم من ولده إكرام أبناء عمّه وكان لوصف التديّن دخالة في الملاك ، فهنا وبما أنّ القضيّة الخارجيّة التي معناها : أنّ الحاكم يحصي الأفراد الذين هم مصبّ لحكمه ، فيجب أن يتصدّى الحاكم لإحراز هذا الوصف في كلّ فرد من أفراد