ونفس المعنيين من الإصابة يمكن افتراضهما في درجات التصديق الأخرى أيضا ، فمن ظنّ بوفاة إنسان لإخبار شخص بذلك وكان ذلك الإنسان حيّا فهو غير مصيب في ظنّه بالمعنى الأوّل ، ولكنّه مصيب بالمعنى الثاني إذا كانت نسبة الصدق في إخبارات ذلك الشخص أكثر من خمسين في المائة.
وهذان المعنيان للإصابة يمكن فرضهما في درجات التصديق الأخرى كالظنّ ، فيقال : ظنّ مصيب بالمعنى الأوّل إذا كان الظنّ مطابقا للواقع وكان ما ظنّه ثابتا واقعا. ويقال : ظنّ مصيب بالمعنى الثاني إذا كان الظنّ مطابقا للمبرّرات الموضوعيّة والمنطقيّة ومتناسبا مع درجة التصديق.
فمثلا لو أخبره شخص بوفاة زيد فظنّ بالوفاة وكان ميّتا واقعا فهو مصيب بالمعنيين أمّا المعنى الأوّل فلأنّ ظنّه مطابق للواقع ؛ لأنّه ميّت ، وأمّا المعنى الثاني فلأنّ درجة التصديق التي عنده مطابقة للمبرّرات المنطقيّة ومتناسبة مع إخباره الذي يوجب الظنّ عموما.
ويمكن تحقّق أحدهما دون الآخر ، ففي المثال المذكور لو كان زيد حيّا واقعا فهو غير مصيب بالمعنى الأوّل ، ولكنّه مصيب بالمعنى الثاني. وقد يكون غير مصيب في المعنيين معا بأن قطع بالوفاة من خلال هذا الإخبار وكان حيّا فهو غير مصيب بالمعنى الأوّل ؛ لكونه غير مطابق للواقع ، وغير مصيب بالمعنى الثاني لعدم التناسب بين درجة التصديق التي حصلت عنده وهي القطع مع المبرّرات الموضوعيّة التي توجب الظنّ من إخباره.
ونطلق على التصديق المصيب بالمعنى الثاني اسم ( التصديق الموضوعي واليقين الموضوعي ) ، وعلى التصديق غير المصيب بالمعنى الثاني اسم ( التصديق الذاتي والقطع الذاتي ).
المعنى الثاني من الإصابة وهو موافقة القطع للمبرّرات الموضوعيّة ، فعدم الإصابة هو عدم مطابقة القطع لهذه المبرّرات الموضوعيّة. فالتصديق المصيب يسمّى التصديق الموضوعي واليقين الموضوعي ، وهو القطع واليقين والتصديق الموافق للمبرّرات الموضوعيّة. والتصديق غير المصيب يسمّى التصديق الذاتي والقطع الذاتي. وهو القطع واليقين والتصديق غير الموافق للمبرّرات الموضوعيّة.