والوجه في ذلك ما ذكرناه من أنّ تمام الموضوع لدائرة حقّ الطاعة والمنجّزيّة هو القطع بالتكليف. فإذا قطع بالتكليف فينجّز عليه ويجب إطاعته ويحرم مخالفته ويثاب على امتثاله ، سواء كان مصيبا للواقع أم لا ؛ لأنّها ليست شرطا كما تقدّم.
وأمّا المعنى الثاني فكذلك أيضا ؛ لأنّ عدم التحرّك عن القطع الذاتي بالتكليف يساوي عدم التحرك عن اليقين الموضوعي في تعبيره عن الاستهانة بالمولى وهدر كرامته ، فيكون للمولى حقّ الطاعة فيهما على السواء والتحرّك عن كلّ منهما وفاء بحقّ المولى وتعظيم له.
وأمّا عدم اشتراط المنجّزيّة للقطع بكونه مصيبا للمبرّرات الموضوعيّة بمعنى أنّ القطع منجّز ، سواء كان قطعا ذاتيّا ناشئا من حالات ذاتيّة ونفسيّة أو كان قطعا موضوعيّا ناشئا عن مبرّرات وضوابط منطقيّة وموضوعيّة.
والوجه في ذلك : أنّ القطع الذاتي مساو للقطع الموضوعي ـ في حالة عدم التحرّك عنه أي عدم الإطاعة والامتثال له فعلا أو تركا ـ في كونهما معبّرين عن الاستهانة بحقّ المولى وخرق حدود العبوديّة وهدر كرامة المولى وعدم احترامه ؛ لأنّ القطع فيهما واحد وهو موجب للتحرّك. فعدم التحرك عنه فيهما يعبّر عن العصيان وهو قبيح ، ولذلك يكون للمولى حقّ الطاعة فيهما على حدّ واحد.
ويكون التحرّك عن كلّ من القطعين وفاء وتعظيما لحقّ المولى.
ولا يمكن سلب المنجّزيّة عن القطع الذاتي كما لا يمكن سلبها عن القطع الموضوعي ؛ لأنّ هذا الشخص بعد حصول القطع عنده يرى أنّه ملزم بالتكليف فعلا أو تركا ؛ لأنّه يرى أنّ قطعه صحيح ومصيب ، ولذلك لا يصدّق بالترخيص ولا يؤمن بإمكان الردع عن هذه المنجّزيّة ، والسرّ في ذلك هو ما ذكرناه من أنّ القطع بالتكليف هو تمام الموضوع لدخول المورد في دائرة حقّ الطاعة ، سواء كان منشؤه الحالات الذاتيّة أو المبرّرات الموضوعيّة.
وقد يقال : إنّ القطع الذاتي وإن كان منجّزا لما ذكرناه ولكنّه ليس بمعذّر ، فالقطّاع إذا قطع بعدم التكليف وعمل بقطعه وكان التكليف ثابتا في الواقع فلا يعذّر في ذلك لأحد وجهين :
كان الكلام إلى الآن في أنّ منجّزيّة القطع لا يفرّق فيها بين القطع الذاتي والقطع