واعترض السيّد الأستاذ على ذلك بأنّ دليل الحجّيّة في باب الأمارات وإن كان يجعل الأمارة علما ولكنّه علم تعبّدي جعلي ، والعلم الجعلي يتقدّر بمقدار الجعل. فدعوى أنّ العلم بالمؤدّى يستدعي العلم بلوازمه إنّما تصدق على العلم الوجداني لا العلم الجعلي.
اعترض السيّد الخوئي على ما ذكره المحقّق النائيني من التفصيل بين الأمارات والأصول وكون اللوازم حجّة للأمارات دون الأصول ، بأنّ أساس التفرقة غير صحيح فإنّه أنكر أن يكون المجعول في الأصول خصوصا الاستصحاب الجري العملي ، بل المجعول فيه أيضا الطريقيّة ، فلا فرق بين الأمارات والاستصحاب إذا من جهة ثبوت اللوازم ، هذا أوّلا.
وثانيا : لو قلنا بأنّ المجعول في باب الأمارات الطريقيّة والعلميّة دون الأصول إلا أنّ هذا لا يقتضي ثبوت اللوازم ؛ وذلك لأنّ هذا العلم المجعول للأمارات ليس علما حقيقيّا وجدانيّا ؛ وإنّما هو علم تعبّدي جعلي. والعلم الجعلي تعبّد من الشارع وحكم له حدود تتقدّر بمقدار ما يجعله الشارع سعة أو ضيقا.
وحينئذ نقول : إنّ هذه الملازمة المدّعاة بأنّ العلم بشيء علم بلوازمه إنّما تصدق في العلم الوجداني الحقيقي ، فإنّ العلم بالملزوم كحياة زيد والعلم بوجود ملازمة بين ثبوت الملزوم واقعا وثبوت لوازمه ينتج لنا العلم بثبوت اللوازم واقعا كنبات لحيته أو هرمه.
وأمّا العلم التعبّدي الجعلي فإنّ هذه الملازمة غير متحقّقة ؛ لأنّه يشترط في صدقها وتحقّقها الالتفات والنظر إليها والعلم بها ، وهذا لا يعلم ولا يحرز من جعل دليل الحجّيّة للأمارات ؛ لأنّ العلم والتعبّد بثبوت الملزوم لا يكفي للعلم بثبوت اللوازم ؛ لأنّ اللوازم متوقّفة على العلم بالملازمة والالتفات إليها وأخذها في لسان التعبّد. وعليه فنحتاج إلى وجود قرينة أو دليل يدلّ على أنّ الشارع قد التفت إلى هذه الملازمة وأخذها بعين الاعتبار عند جعله الحجّيّة.
وبتعبير آخر : إنّ الملازمة المذكورة بين ثبوت الملزوم وثبوت اللوازم إنّما تتمّ وتصدق في العلم الوجداني الحقيقي ؛ لأنّ ثبوت الملزوم واقعا وحقيقة يترتّب عليه اللوازم واقعا وحقيقة.