الأمارة في مدلولاتها الالتزاميّة أيضا ، ولكن ليس ذلك على أساس ما ذكره المحقّق النائيني من تفسير.
الصحيح هو التفصيل بين الأمارات والأصول فنقول ما قاله المشهور : إنّ كلّ دليل كانت حجّيّته من باب كونه أمارة فلوازمه حجّة ، وكلّ ما قام عليه الدليل من باب كونه أصلا عمليّا لتحديد الوظيفة العمليّة فلوازمه ليست حجّة.
وهذا التفصيل ليست نكتته ما ذكره المحقّق النائيني من تفسير ، وإنّما هناك نكتة أخرى لهذا التفسير تستند إلى المنهج الصحيح في التفرقة بين الأمارات والأصول ، خلافا للمبنى الذي سلكه الميرزا.
فإنّه فسّر ذلك بنحو يتناسب مع مبناه في التمييز بين الأمارات والأصول ، وقد مرّ بنا سابقا (١) أنّه ـ قدّس الله روحه ـ يميّز بين الأمارات والأصول بنوع المجعول والمنشأ في حجّيّتها ، فضابط الأمارة عنده كون مفاد دليل حجّيّتها جعل الطريقيّة والعلميّة ، وضابط الأصل كون دليله خاليا من هذا المفاد ، وعلى هذا الأساس أراد أن يفسّر حجّيّة مثبتات الأمارات بنفس النكتة التي تميّزها عنده عن الأصول ، أي نكتة جعل الطريقيّة.
التفسير الذي ذكره الميرزا يتناسب مع مسلكه في باب التمييز بين الأمارات والأصول ، فإنّه كما تقدّم في باب الحكم الظاهري يميّز بين الأمارات والأصول على أساس ما هو المجعول في كلّ منهما ، فإن كان المجعول في دليل الحجّيّة الطريقيّة والعلميّة والكاشفيّة فهو أمارة ، وإن كان المجعول في دليل الحجّيّة تحديد الوظيفة والموقف العملي فقط كان أصلا عمليّا.
وعلى أساس هذا التمييز بينهما أراد أن يفسّر أيضا كيف أنّ مثبتات الأمارة حجّة دون مثبتات الأصل العملي. فقال : إنّ دليل حجّيّة الأمارة معناه جعلها علما ، ولوازم العلم حجّة ؛ لأنّ العلم بشيء علم بلوازمه ، بينما مثبتات الأصل ليست حجّة ؛ لأنّ دليل حجّيّته ناظر إلى الجري العملي فقط وهو يتحدّد ويتقدّر بالمقدار الذي يراه الشارع ، وهو الموقف والوظيفة من دون نظر إلى الواقع وإلى الكاشفيّة أصلا ، فمثبتات الأصل ليس حجّة.
__________________
(١) تحت عنوان : الأمارات والأصول.