وكذلك أيضا مسألة اجتماع الأمر والنهي ؛ فإنّ الامتناع فيها يحقّق صغرى لكبرى التعارض بين خطابي : صلّ ولا تغصب ، والجواز فيها يحقّق صغرى لكبرى حجيّة الإطلاق.
ويرد ثانيا على ما ذكره الميرزا من إضافة قيد الكبروية إلى التعريف ـ والذي على أساسه أعطى ضابطة لتعريف القاعدة الأصوليّة ـ : أنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي والتي هي من المسائل الأصوليّة تقع صغرى في القياس تارة لكبرى التعارض على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي في مصداق واحد ، وأخرى لكبرى حجيّة الإطلاق على القول بجواز اجتماعهما في مصداق واحد. وتوضيح ذلك : إنّه يوجد خلاف في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، فهناك قول بامتناع ذلك وقول آخر بجوازه كما سيأتي في محلّه. فعلى القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي في مصداق واحد ، فإذا صلّى المكلّف في مكان مغصوب فهذا الفرد الخارجي مصداق لأحد الخطابين ، ولكن حيث إنّ خطاب ( صلّ ) يشمل هذا الفرد الخارجي ويعتبره مصداقا للمأمور به ، وحيث إنّ خطاب ( لا تغصب ) يشمل هذا الفرد أيضا باعتباره محقّقا لماهيّة الغصب ، فيقع التعارض بين الخطابين في هذا الفرد الخارجي ؛ لأنّه يستحيل أن يكون مصداقا لكلا الخطابين بناء على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي ، ويستحيل أن يكون مصداقا لأحدهما ؛ لأنّه ترجيح بلا مرجّح ، وحيث إنّ كلاّ من الخطابين شامل لهذا
__________________
... هذه صيغة أمر وكلّ أمر ظاهر في الوجوب يستنتج أنّ هذه الصيغة ظاهرة في الوجوب ، والوجوب حكم شرعي كلّي يفتي به الفقيه على أساس هذا القياس.
وبعبارة أخرى : يوجد هنا قياسان : قياس الاستنباط الفقهي والذي يستنبط منه الحكم الشرعي الفرعي الكلّي.
وقياس الاستنباط الأصولي والذي يستنبط منه قاعدة أصوليّة أو قاعدة فقهيّة. والذي أراده الميرزا هو القياس الأوّل ، وفي هذا القياس لا تقع القاعدة الأصوليّة إلا كبرى ، وهذا لا يمنع من وقوعها صغرى في القياس الثاني ولا يضرّ بأصوليّتها ، ففي الحقيقة وقع خلط في إيراد السيّد الشهيد رحمهالله بين هذين القياسين. فما ذكره الميرزا صحيح وتامّ بالنسبة للقياس الفقهي وما أورده السيّد الشهيد هو وقوعها صغرى في القياس الأصولي ، وهذا يعني اختلاف الجهة واللحاظ بين الميرزا والشهيد. وبهذا يكون تعريف الميرزا والقيد الذي أضافه قادرا على دفع الملاحظة الثالثة.