المصداق فيتعارضان فيه ، فتقع هذه المسألة صغرى لإحدى القواعد الكليّة والكبرويّة في باب التعارض ، وهي التساقط أو التخيير أو الترجيح ، حيث يطبّق على هذه المسألة إحدى هذه الكبريات لتحديد ما هو الموقف العملي الذي يتّخذه الفقيه في عمليّة الاستنباط عند هذه المسألة. وهذا يعني أنّ هذه المسألة ليست أصوليّة ؛ لوقوعها صغرى في قياس الاستنباط. وعلى القول بجواز اجتماع الأمر والنهي في مصداق واحد ، فهذا يعني أنّ الصلاة في المكان المغصوب تحقّق مصداقا لكلا الخطابين ، فمن جهة يقال : إنّ هذا الفرد الخارجي مصداقا للفرد الصلاتي المأمور به ، ومن جهة أخرى يقال : إنّه مصداق لماهيّة الغصب. فهو من جهة مأمور به لكونه صلاة ، ومن جهة أخرى منهي عنه لكونه غصبا ، فسوف تقع مسألة اجتماع الأمر والنهي بناء على الجواز صغرى لكبرى حجيّة الإطلاق ؛ لأنّ إطلاق الأمر بالصلاة شامل لهذا المورد وإطلاق النهي عن الغصب شامل لهذا المورد أيضا ، ولمّا كان اجتماعهما ممكنا وجائزا فتقع مسألة الاجتماع صغرى لحجيّة الإطلاق ، حيث يقال : هذا الفرد مصداق للصلاة وكل صلاة مأمور بها فهذا المصداق مأمور به ، وهذا الفرد مصداق للغصب وكلّ غصب منهي عنه فهذا منهي عنه ، فحجيّة الإطلاق وقعت كبرى ومسألة اجتماع الأمر والنهي وقعت صغرى لها فيلزم أن تكون أصوليّة بناء على تعريف الميرزا ؛ لأنّه قيّد القاعدة الأصوليّة بكونها كبرى قياس الاستنباط (١).
ومنها : ما ذكره السيّد الأستاذ من استبدال قيد الكبرويّة بصفة أخرى ، وهي أن تكون القاعدة وحدها كافية لاستنباط الحكم الشرعي بلا ضمّ قاعدة أصوليّة أخرى (٢) ، فيخرج ظهور كلمة الصعيد ؛ لاحتياجه إلى ضمّ ظهور صيغة افعل في الوجوب ، ولا يخرج ظهور صيغة افعل في الوجوب ، وإن كان محتاجا إلى كبرى حجيّة الظهور ؛ لأنّ هذه الكبرى ليست من المباحث الأصوليّة للاتّفاق عليها (٣).
__________________
(١) وهذا الإيراد أيضا قابل للنقاش كما تقدّم في الإيراد السابق بلا فرق بينهما ، على أساس الاختلاف بين القياس الفقهي والقياس الأصولي.
(٢) المحاضرات ١ : ٨.
(٣) المحاضرات ١ : ٦.