فالملازمة بين الوجوب أو الصفرة وبين ذات عدم الضدّ الذي هو اللازم الأعمّ. وبعد ذلك تتفرّع الحصّة المقارنة للملزوم ، فطرف الملازمة كان اللازم الأعمّ ثمّ بعد ذلك وفي طوله نشأت الحصّة.
الثاني : أنّ الكشفين في الدلالتين قائمان دائما على أساس نكتة واحدة ، من قبيل نكتة استبعاد خطأ الثقة في إدراكه الحسّي للواقعة ، فإذا أخبر الثقة عن دخول شخص للنار ثبت دخوله واحتراقه وموته بذلك بنكتة استبعاد اشتباهه في رؤية دخول الشخص إلى النار ، فإذا علم بعدم دخوله وأنّ المخبر اشتبه في ذلك فلا يكون افتراض أنّ الشخص لم يمت أصلا متضمّنا لاشتباه أزيد ممّا ثبت.
التقريب الثاني : بناء على ما هو الصحيح من أنّ المدلول الالتزامي إنّما يثبت لأجل أنّ الحيثيّة الكاشفة في الأمارة نسبتها إلى المدلولين المطابقي والالتزامي على حدّ واحد ، وعليه فالكشفان الثابتان في المدلولين الالتزامي والمطابقي قائمان على أساس نكتة واحدة وهي الحيثيّة الكاشفة عن الواقع والموجبة للنظر في الأمارة ، والتي على أساسها كان الترجيح.
ففي الأخبار والحكاية لدينا نكتة استبعاد الكذب والخطأ والاشتباه عن الثقة الناقل للواقعة التي شاهدها حسّا أو رآها كذلك ، وفي الإنشاءات والقضايا التكوينيّة المجعولة لدينا نكتة الظهور وحجّيّته العقلائيّة على أساس كاشفيّته ، وحينئذ نقول : إذا أخبر الثقة بدخول زيد في النار يثبت مدلوله المطابقي وهو دخوله النار واحتراقه ، ويثبت مدلوله الالتزامي وهو موته بسبب ذلك. والوجه في الثبوت هو الحيثيّة الكاشفة الموجودة في المدلولين المطابقي والالتزامي على حدّ واحد ، وهذه النكتة هي استبعاد الكذب والخطأ والاشتباه في الإدراكات الحسيّة. فإذا علمنا فيما بعد أنّه أخطأ أو اشتبه أو كذب أو سقط مدلوله المطابقي عن الحجّيّة لوجود المعارض مثلا فهنا تسقط هذه الحيثيّة الكاشفة والتي كانت الأساس لثبوت المدلولين المطابقي والالتزامي ، ومع سقوطها يسقط المدلول المطابقي والالتزامي معا ؛ إذ لن يكون هناك عناية زائدة لإسقاط المدلول الالتزامي ؛ لأنّ نفس السبب الموجب لسقوط المدلول المطابقي هو نفس السبب الموجب لسقوط المدلول الالتزامي ، ولا نحتاج إلى افتراض نكتة أخرى زائدة.