لا التخييري ، تمسّكا بالإطلاق وتطبيقا لقرينة الحكمة عن طريق إثبات أنّ الطلب الغيري والتخييري طلب مقيّد فينفى بتلك القرينة ، كما تقدّم في الحلقة السابقة (١) ، فإنّ هذا البحث في التطبيق يستدعي النظر العلمي في حقيقة الطلب الغيري والطلب التخييري ، وإثبات أنّهما من الطلب المقيّد.
مثال ذلك : إثبات أنّ الطلب الظاهر من الأمر هو الطلب الوجوبي لا الاستحبابي ، والطلب النفسي لا الغيري ، والطلب التعييني لا التخييري ، والطلب العيني لا الكفائي. وذلك عن طريق التمسّك بدلالة كلّيّة وهي قرينة الحكمة بحيث تكون مقدّماتها تامّة في الوجوب النفسي والتعييني والعيني وغير تامّة في مقابلاتها ، فإذا تمّت قرينة الحكمة في تلك الموارد أمكن التمسّك بها وتطبيقها عليها لإثبات المذكورات من باب كونها مصداقا للقاعدة الكلّيّة.
إلا أنّ هذا الأمر يتوقّف أوّلا على إثبات أنّ الطلب الوجوبي وأخواته ليس طلبا مقيّدا ، وثانيا إثبات أنّ الطلب الاستحبابي وأخواته من الطلب المقيّد بحيث يحتاج فيه إلى مئونة زائدة وقرينة خاصّة تدلّ عليه ، فإذا ثبت ذلك جرت قرينة الحكمة لنفي القيود في حالة الشكّ في وجودها مع عدم دليل عليها ، وبذلك يثبت الإطلاق في الأمر والذي يدلّ على النفسي و ...
وإثبات ذلك أيضا يحتاج إلى البحث عن حقيقة الطلب الغيري والتخييري ، والاستحبابي والكفائي ، لنرى أنّه هل فيها مئونة زائدة على أصل الطلب بحيث إنّ إرادتها تحتاج إلى دليل خاصّ وقرينة معيّنة في لسان الدليل أو ليس فيها ذلك؟
وهذا بحث علمي يتولاّه علم الأصول لإثبات أنّها من الطلب المطلق أو من الطلب المقيّد.
فالطلب مدلول للأمر وهذا الطلب له أقسام متعدّدة وهي :
الطلب الوجوبي وهو شدّة الطلب ، ويقابله الطلب الاستحبابي وهو الطلب الضعيف.
الطلب النفسي وهو وجوب الشيء مستقلا عن غيره ، ويقابله الطلب الغيري وهو وجوب الشيء تبعا لغيره من باب الوجوب المقدّمي.
__________________
(١) في بحث الإطلاق ، تحت عنوان : بعض التطبيقات لقرينة الحكمة.