يستحيل انفكاكهما عن الطرفين ، إذ لا يمكن وجود نسبة وربط في الخارج إلا ضمن الطرفين ، فهما ليسا مصداقين للنسبة والربط بالحمل الشائع ؛ لأنّهما يتصوّران بدون طرفين.
وأمّا الحمل الأوّلي وهو حمل الشيء على نفسه أوّلا وبالذات فالنسبة نسبة والربط ربط ، أي أنّ مفهوم النسبة نسبة بالحمل الأوّلي ومفهوم الربط ربط بالحمل الأوّلي ، أي من باب حمل الشيء على نفسه ، فإنّ الشيء مصداق أوّلي لنفسه فيحمل عليه ، كما يقال : الإنسان إنسان بالحمل الأوّلي ، ويقال : زيد إنسان بالحمل الشائع.
وقد مرّ عليك في المنطق أنّ الشيء يصدق على نفسه بالحمل الأوّلي ، ولكن قد لا يصدق على نفسه بالحمل الشائع كالجزئي ، فإنّه جزئي بالحمل الأوّلي ولكنّه كلّي بالحمل الشائع.
وهذا نظير ما تقدّم في المنطق من أنّ الشيء يحمل على نفسه بالحمل الأوّلي ؛ لأنّه يصدق على نفسه ، ولكن قد لا يصدق على نفسه بالحمل الشائع ، أي قد لا يكون مصداقا خارجيّا لنفسه ، فمثلا الجزئي وهو ما لا ينطبق على كثيرين أو ما يمتنع انطباقه على كثيرين ، فيمكن أن يقال : الجزئي جزئي بالحمل الأوّلي ، أي أنّ الجزئي كمفهوم يصدق على نفسه أوّلا وبالذات ؛ لأنّ الشيء يحمل حملا أوّليا على نفسه كالإنسان إنسان.
ولكن لا يمكن أن يقال : إنّ الجزئي جزئي بالحمل الشائع ؛ لأنّ مفهوم الجزئي وهو عنوان ما يمتنع صدقه على كثيرين ليس مصداقا حقيقيّا للجزئي الموجود في الخارج ؛ لأنّ الجزئي الموجود في الخارج جزئي حقيقي يمتنع صدقه على كثيرين. بينما مفهوم الجزئي في الذهن ليس جزئيّا ، بل كلّيّا ؛ لأنّه يصدق على كثيرين بما هو مفهوم.
فالجزئي كلّي بالحمل الشائع أي مصداق من مصاديق الكلّي ؛ لأنّ الجزئي كمفهوم ذهني لديه مصاديق عديدة ينطبق عليها ، فزيد جزئي وعمرو جزئي وهكذا.
وأمّا بالنسبة لمفهوم الكلّي فهو يصدق على نفسه بالحمل الأوّلي ، ويصدق على نفسه أيضا بالحمل الشائع ؛ لأنّ الكلّي كلّي بالحمل الأوّلي أي من باب حمل الشيء على نفسه أوّلا وبالذات. والكلّي كلّي بالحمل الشائع ؛ لأنّ الكلّي مصداق حقيقي في الخارج للكلّي كالإنسان ، فإنّه مفهوم كلّي وله مصاديق عديدة أيضا.