يمكننا إثبات وجود الموضوع للعلم من غير أن نفرض أنّ التمايز بين العلوم بالموضوعات ، بل يمكننا إثباته بفرض أنّ التمايز بين العلوم بالغرض.
وقد أجيب على ذلك : بأنّ الواحد على ثلاثة أقسام : واحد بالشخص ، وواحد بالنوع وهو الجامع الذاتي لأفراده ، وواحد بالعنوان وهو الجامع الانتزاعي الذي قد ينتزع من أنواع متخالفة. واستحالة صدور الواحد من الكثير تختصّ بالأوّل (١) ، والغرض المفترض لكلّ علم ليست وحدته شخصيّة ، بل نوعيّة (٢) أو عنوانيّة (٣) ، فلا ينطبق برهان تلك الاستحالة في المقام.
أورد على هذا الدليل بمنع كلتا المقدّمتين :
أمّا المقدّمة الثانية : وهي قاعدة : ( الواحد لا يصدر إلا من واحد ) ، فإنّ تطبيقها على الغرض غير تامّ ؛ وذلك لأنّ الواحد على ثلاثة أقسام هي :
الواحد الشخصي : وهو الجزئي الحقيقي كزيد فهو واحد بسبب تشخّصه وتعيّنه بالخارج.
والواحد بالنوع : وهو الجامع الذاتي لأفراده أي الكلّي الذي يكون جامعا بين المصاديق والجزئيّات والأفراد كالإنسان الجامع بين الأفراد الموجودة في الخارج ، وكالحيوان الجامع بين الأنواع ، وكالناطق فهذه كلّها مفاهيم كليّة جامعة بين أفرادها وأنواعها بنحو تكون دخيلة في ذاتها وهي واحدة أيضا.
والواحد بالعنوان : وهو الجامع العرضي والانتزاعي والذي يكون جامعا بين الأفراد والأنواع المتخالفة ، كالبياض الجامع بين الإنسان والحجر والطائر والقرطاس والثلج ... إلى آخره ؛ ولكن هذا الجامع ليس دخيلا في حقيقة هذه الأنواع والأفراد ، وإنّما هو متفرّع منها بنحو العارض الخارج عن الذات ، فهو مفهوم انتزاعي وعرضي ولكنّه واحد أيضا.
والقاعدة المذكورة مختصّة بالواحد الشخصي بمعنى أنّ الواحد الشخصي وهو الجزئي الحقيقي يستحيل صدوره من كثيرين ولا يصدر إلا من واحد فقط.
وأمّا الواحد بالنوع أو الواحد بالعنوان فهما يصدران من الواحد ومن الكثير أيضا
__________________
(١ و ٢) كما ادّعاه السيّد الخوئي في المصدر السابق.
(١ و ٢) كما ادّعاه السيّد الخوئي في المصدر السابق.
(٣) كما ادّعاه المحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ١ : ٣٤.