يبرهن على عدمه بأنّ بعض العلوم تشتمل على مسائل موضوعها الفعل والوجود وعلى مسائل موضوعها الترك والعدم ، وتنتسب موضوعات مسائله إلى مقولات ماهويّة وأجناس متباينة كعلم الفقه الذي موضوع مسائله الفعل تارة والترك أخرى والوضع تارة والكيف أخرى ، فكيف يمكن الحصول على جامع بين موضوعات مسائله؟!
ولأجل عدم تماميّة الأدلّة التي ذكرت على وجود موضوع للعلم رفض بعض المحقّقين كالمحقّق العراقي وجود موضوع لكلّ علم ، بل إنّ بعضهم كالسيّد الخوئي قد أقام البرهان على عدم وجود موضوع للعلم. وحاصل هذا البرهان أن يقال : إنّنا إذا أخذنا علم الفقه كمثال نجد أنّ بعض موضوعات مسائل هذا العلم تشتمل على الفعل والوجود كالصلاة والحجّ ونحو ذلك ، وبعض موضوعات مسائله تشتمل على الترك والعدم كالصوم وحرمة الزنى وحرمة شرب الخمر ونحو ذلك ، بل إنّنا إذا أخذنا باب الصلاة نجد أنّ الصلاة تشتمل على أفعال وجوديّة كالركوع والسجود والقراءة وهي من مقولات ماهويّة وأجناس متباينة ، فإنّ الركوع والسجود من مقولة الوضع والقراءة من مقولة الكيف المسموع ، وإذا أخذنا باب الصوم نجد أنّه يشتمل على تروك وأعدام وهي أيضا من مقولات ماهويّة وأجناس متباينة ، كترك الكذب على الله والرسول والأئمّة فهي من مقولة الكيف المسموع ، وكرمس الرأس في الماء فهي من مقولة الوضع وهكذا ... فكيف يمكن تصوير جامع كلّي بين هذه الأجناس المتباينة والمقولات الماهويّة المختلفة؟! إذ هي أجناس عالية ليس فوقها شيء يمكن تصوير الجامع بينها. وعليه فكيف يمكن تصوير الموضوع؟! لأنّه الجامع الكلّي بين موضوعات مسائل العلم كما تقدّم.
وكذلك الحال لو أخذنا علم الأصول كمثال آخر ، فإنّا نجده يشتمل على مسائل موضوعها الكشف والإراءة للواقع كالأمارات والأدلّة المحرزة ، وعلى مسائل موضوعها الشك ، والجهل وعدم الانكشاف للواقع كالأصول العمليّة المحضة. فكيف يمكن الجمع بين الكشف وعدمه وبين الإراءة للواقع والشكّ والجهل به؟! إذ الجامع بينها جامع بين النقيضين وهو باطل ومحال.
وعلى هذا الأساس رفض بعض الأصوليّين وجود الموضوع ، وليس ذلك إلا