إيجاد ماهيّة الإكرام ولو بفرد واحد من أفرادها ولا يجب إيجاد كلّ أفراد الإكرام ، فالحكم ثابت للماهيّة ولا يسري منها إلى أفرادها ، فهو إطلاق بدلي.
وأمّا من جهة ( العالم ) فهو إطلاق شمولي ؛ لأنّ وجوب الإكرام منصبّ على ماهيّة العالم ، وهذا الوجوب يتعدّد ويتكثّر بما للعالم من أفراد ومصاديق في الخارج ، وهذا يعني أنّ الحكم سرى من الماهيّة إلى أفرادها.
فتكون النتيجة أنّه يجب إكرام كلّ فرد فرد من أفراد العالم ولكن لا يجب إلا إكرام واحد فقط لا أكثر.
ومن هنا قد يثار إشكال مفاده :
وقد يقال : إنّ قرينة الحكمة تنتج تارة الإطلاق الشمولي وأخرى الإطلاق البدلي.
ويعترض على ذلك بأنّ قرينة الحكمة واحدة فكيف تنتج تارة الإطلاق الشمولي وأخرى الإطلاق البدلي؟!
الإشكال الوارد هنا هو : أنّ قرينة الحكمة تارة تنتج الشموليّة وأخرى تنتج البدليّة ، والحال أنّ قرينة الحكمة واحدة ومرجعها واحد وهو ظهور حال المتكلّم أنّه في مقام البيان والتفهيم بمراده الجدّي ، فكلّ ما لا يقوله فهو لا يريده ، وهذا يثبت الإطلاق ، فكيف نتج بعد ذلك الشموليّة والبدليّة من هذا الأمر الواحد؟
وبتعبير آخر : أنّه ما دام الدالّ على الإطلاق شيئا واحدا فكيف كان هنا شموليّا وهناك بدليّا؟ إذ المفروض أنّ تكون النتيجة واحدة ؛ لأنّ السبب والمرجع واحد أيضا.
فكيف صدر عن الشيء الواحد أمران مختلفان؟!
وقد أجيب على هذا الاعتراض بعدّة وجوه :
الأوّل : ما ذكره السيّد الأستاذ (١) من أنّ قرينة الحكمة لا تثبت إلا الإطلاق بمعنى عدم القيد ، وأمّا البدليّة والاستغراقيّة فيثبت كلّ منهما بقرينة إضافيّة.
وقد أجيب على هذا الاعتراض بوجوه أهمّها ثلاثة :
الجواب الأوّل : ما ذكره السيّد الخوئي من أنّ قرينة الحكمة لا تنتج إلا شيئا واحدا فقط وهو عدم القيد ؛ لأنّ الإطلاق الذي ينتج من قرينة الحكمة هو عدم لحاظ القيد
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ٤ : ١٠٦ ـ ١١٠.