في الموضوع ، أو رفض القيد كما هي مقالته رحمهالله وهذا الأمر كما هو موجود بلحاظ الإطلاق الشمولي موجود بلحاظ الإطلاق البدلي ، فلا يلزم صدور شيئين عن مسبّب واحد.
وأمّا الشموليّة والبدليّة فهما وصفان خارجان عن قرينة الحكمة ، ويحتاج كلّ واحد منهما إلى دليل خاصّ غير قرينة الحكمة. فقرينة الحكمة تثبت الإطلاق فقط ، وأمّا كونه شموليّا أو بدليّا فهو يحتاج إلى قرينة أخرى وعناية إضافيّة غير قرينة الحكمة. وتوضيح ذلك :
فالبدليّة في الإطلاق في متعلّق الأمر مثلا تثبت بقرينة إضافيّة ، وهي : أنّ الشموليّة غير معقولة ؛ لأنّ إيجاد جميع أفراد الطبيعة غير مقدور للمكلّف عادة.
والشموليّة في الإطلاق في متعلّق النهي مثلا تثبت بقرينة إضافيّة وهي : أنّ البدليّة غير معقولة ؛ لأنّ ترك أحد أفراد الطبيعة على البدل ثابت بدون حاجة إلى النهي.
أنّ قرينة الحكمة تثبت الإطلاق فقط ، بمعنى أنّ الموضوع هو الماهيّة بذاتها مجرّدة عن القيود. فالبدليّة تحتاج إلى عناية زائدة وهي : أنّه إذا قيل : ( أكرم العالم ) أو ( صلّ ) فهنا متعلّق الأمر وهو الإكرام أو الصلاة يثبت كون الإطلاق فيهما بدليّا بقرينة عقليّة أو عقلائيّة عرفيّة ، وهي أنّ المكلّف لا يقدر على الإتيان بكلّ أفراد الصلاة أو كلّ أنواع الإكرام ، فإيجاد كلّ أفراد طبيعة الإكرام والصلاة غير مقدور للمكلّف إمّا عقلا أو عادة وعرفا ، فعلى أساس عدم القدرة في إيجاد كلّ أفراد الطبيعة تتعيّن البدليّة ؛ لأنّ الشموليّة فيها محذور عدم القدرة ، والشارع لا يكلّف بغير المقدور عقلا أو عرفا.
وأمّا الشموليّة فتثبت بعناية أخرى وهي : إذا قيل : ( لا تكذب ) فهنا متعلّق النهي وهو طبيعي الكذب الذي له أفراد عديدة في الخارج ، لا يمكن أن يكون المراد منه البدليّة بمعنى عدم الكذب ولو مرّة واحدة ؛ لأنّ عدم الكذب ولو مرّة واحدة حاصل وثابت ؛ إذا لا يمكن لشخص أن يكذّب بكلّ أنواع الكذب وأفراده ؛ لأنّ ذلك غير مقدور له عقلا أو عادة ، فيكون إرادة البدليّة مستحيلا ؛ لأنّه تحصيل للحاصل.
والأمر بشيء حاصل ومفروغ عنه لغو ، فعلى أساس محذور اللغويّة يثبت أنّ المتعلّق هنا مطلق بنحو الإطلاق الشمولي ، فيكون مكلّفا بالامتناع عن إيجاد كلّ أفراد الكذب وليس عن بعض الأفراد فقط ؛ لأنّه حاصل ومتحقّق فالتكليف به لغو.