لذلك إلى كلّ فرد خارجي تنطبق عليه تلك المرآة الذهنيّة ، وهذا معنى تعدّد الحكم وشموليّته.
الجواب الثالث : ما ذكره المحقّق الأصفهاني من أنّ الأصل في قرينة الحكمة أنّها تنتج الإطلاق الشمولي ، وأمّا الإطلاق البدلي فيحتاج إلى عناية إضافيّة زائدة.
وتوضيح ذلك : إذا قيل : ( أكرم العالم ) وجرت قرينة الحكمة ثبت أنّ موضوع الحكم هو ذات الماهيّة وطبيعة العالم بما هي هي ، ومن المعلوم أنّ الطبيعة والماهيّة إنّما تؤخذ في الذهن وفي موضوع الحكم تصوّرا لا بقيد الوجود الذهني أو اللحاظ الذهني ، وإنّما تؤخذ كذلك بما هي مرآة وحاكية وكاشفة عن الخارج ، وحينئذ فيكون كلّ فرد في الخارج صالحا لأن تنطبق عليه هذه الصورة بحيث تكون المرآتيّة بين الماهيّة والفرد في الخارج ثابتة لكلّ الأفراد ؛ إذ لا أولويّة ولا مرجّح لأحدها على الآخر. وهذا معناه أنّ الحكم يسري من الطبيعة والماهيّة التي انصبّ عليها الحكم من دون قيد إلى الأفراد في الخارج ، وهذا هو معنى الشموليّة ؛ إذ لا يراد من الشموليّة أكثر من كون الحكم متعدّدا بتعدّد الأفراد ، وهنا ثبت أنّ كلّ فرد من أفراد الماهيّة صالح للمرآتية ولانطباق الماهيّة عليه فيسري حكمها إليه ، والنتيجة هي سريان الحكم إلى كلّ الأفراد.
وأمّا البدليّة كما في متعلّق الأمر فهي التي تحتاج الى عناية ، وهي تقييد الماهيّة بالوجود الأوّل ، فقول : ( صلّ ) يرجع إلى الأمر بالوجود الأوّل ، ومن هنا لا يجب الوجود الثاني ، وعلى هذا فالأصل في الإطلاق الشموليّة ما لم تقم قرينة على البدليّة.
وأمّا البدليّة فهي تحتاج إلى عناية إضافيّة غير قرينة الحكمة ، فإذا قيل : ( صلّ ) كان متعلّق الأمر وهو الصلاة مطلقا بدليّا ، بمعنى كفاية فرد واحد من أفراد الصلاة يحتاج إلى عناية وقرينة ؛ لأنّ الأصل هو الشمول لكلّ الأفراد والبدليّة معناها الاكتفاء بفرد واحد وهو الفرد الأوّل ، وهذا تقييد زائد لا بدّ فيه من العناية كأن يقال مثلا : إنّ إيجاد كلّ أفراد الصلاة متعذّر أو متعسّر ، أو يقال : إنّ المطلوب هو إيجاد الطبيعة وهي توجد بفرد من أفرادها.
وعلى كلّ حال فالبدليّة تحتاج إلى العناية ؛ لأنّها تعني الاكتفاء بالفرد الأوّل دون