حاجة إلى غيره. وقد عرفت أنّ الأصل في قرينة الحكمة أنّها تفيد الإطلاق الشمولي ، أي السريان لكلّ الأفراد لا بعضها.
وتحقيق الحال في المسألة يوافيك في بحث أعلى إن شاء الله تعالى.
وحاصله تارة يبحث بلحاظ الحكم ، وأخرى يبحث بلحاظ الامتثال.
أمّا بلحاظ الحكم فبمعنى هل أنّ الحكم واحد أم هو متعدّد؟ فالبدليّة تعني وحدة الحكم والشموليّة تعني تعدّده.
فهنا يقال : الصحيح هو التفصيل بين موضوع الحكم وبين متعلّقة ، فإذا قيل : ( أكرم العالم ) كان المتعلّق هو الإكرام والموضوع هو العالم.
فمن حيث المتعلّق فالأصل هو البدليّة ما لم تقم قرينة على الشموليّة ؛ لأنّ الحكم منصبّ على الطبيعة بمعنى حكم واحد لإيجاد الطبيعة أو لإعدامها.
ومن حيث الموضوع فالأصل هو الشموليّة ما لم تقم قرينة على البدليّة ؛ لأنّ كلّ فرد صالح لانطباق الموضوع عليه ، فالأفراد متساوية هنا ، والسرّ في ذلك أنّ الموضوع يستبطن قضيّة شرطيّة بخلاف المتعلّق ، ( فأكرم العالم ) من جهة الموضوع معناها بالتحليل ( إن وجد عالم فأكرمه ) ، وهو قضيّة حقيقيّة موضوعها مقدّر الوجود ، فمتى وجد العالم يثبت له الوجوب وهو معنى الشموليّة.
وأمّا من جهة المتعلّق فهو لا ينحلّ إلى قضيّة شرطيّة ؛ لأنّ الإكرام لا يفرض مقدّر الوجود بل يطلب وجوده وتحقيقه.
وأمّا بلحاظ الامتثال فالشموليّة والبدليّة بمعنى أنّه هل يكتفى بامتثال واحد أو لا بدّ من تعدّد الامتثال؟
فهنا تكون البدليّة والشموليّة خارجان عن قرينة الحكمة ، وإنّما العقل هو الذي يحكم بتحقّق الامتثال بفرد أو بالأفراد ، ففي موارد الأمر يحكم العقل بامتثال الطبيعة وإيجادها ضمن فرد واحد فيتحقّق الامتثال به ، وأمّا في موارد النهي فيحكم العقل بأنّ الطبيعة لا تنعدم الا بكلّ أفرادها فالامتثال لا يتحقّق إلا بكلّ الأفراد.
التنبيه الثالث : إذا لاحظنا متعلّق النهي في ( لا تكذب ) ومتعلّق الأمر في ( صلّ ) نجد أنّ الحكم في الخطاب الأوّل يشتمل على تحريمات متعدّدة بعدد أفراد